الفرار من يد قدرته تعالى فهم مشتبهون أشد الاشتباه. وإذا لم ينفضوا أيديهم من تلك الأعمال السيئة، فسوف يلاقون نفس المصير الذي لقيه من كان قبلهم.
يمر بنا مرارا التعرض لهذا الأمر في القرآن الكريم، وهو أن الله سبحانه وتعالى يدعو الكفار والعاصين إلى " السير في الأرض " ومشاهدة آثار الأقوام الماضين ومصائرهم الأليمة.
ورد في الآية (9) من سورة الروم أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
وورد شبيه هذا المعنى في سورة يوسف - 109، والحج - 46، وغافر 21 و 82، والأنعام - 11 إلى غير ذلك.
هذا التأكيد المتكرر دليل على التأثير الخاص لتلك المشاهدات في النفس الإنسانية، فإن عليهم أن يروا بأعينهم ما قرأوه في التأريخ أو سمعوه، ليذهبوا وينظروا عروش الفراعنة المحطمة. وقصور الأكاسرة المدمرة، وقبور القياصرة الموحشة، وعظام نمرود المتفسخة، وأرض قوم لوط وثمود الخالية، ثم ليستمعوا إلى نصائحهم الصامتة، وأنينهم من تحت التراب، وينظروا بام أعينهم ماذا حل بهؤلاء.
* * *