يفسحون المجال للخوف والوحشة للدخول إلى أنفسهم عند سلوكهم طريق الموت والشهادة. بل إنهم يستلهمون من قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) " والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي امه " (1) ويستقبلون الموت في سبيل الهدف برحابة صدر. ولهذا فإن أمير المؤمنين حينما تلقى الضربة السامة من اللعين الخاسر " عبد الرحمن بن ملجم " لم يقل سوى " فزت ورب الكعبة ".
خلاصة القول: فإن الإيمان بالمعاد يجعل من الإنسان الخائف الضائع، إنسانا شجاعا شهما هادفا، تمتلئ حياته بالحماسة والتضحية والصدق والتقوى.
3 3 - الدلائل العقلية على المعاد:
فضلا عن الدلائل النقلية الكثيرة على المعاد سواء الواردة في القرآن المجيد، والتي تشمل مئات الآيات بهذا الخصوص، فإن هناك أدلة عقلية واضحة أيضا على هذه المسألة، والتي نحاول ذكرها هنا بشكل مختصر:
3 أ - برهان الحكمة:
إذا نظرنا إلى هذا العالم بدون العالم الآخر، فسيكون فارغا وبلا معنى تماما، كما لو افترضنا بوجود الحياة في الأطوار الجنينية بدون الحياة في هذه الدنيا.
فلو كان قانون الخلق يقضي بأن جميع المواليد الجدد يختنقون بمجرد نزولهم من بطون أمهاتهم ويموتون، فإن الدور الجنيني سيكون بلا معنى؟ كذلك لو كانت الحياة في هذا العالم مبتورة عن الحياة في العالم الآخر، فسنواجه نفس الاضطراب والحيرة، فما ضرورة أن نعيش سبعين عاما أو أكثر أو أقل في هذه الدنيا وسط كل هذه المشكلات؟ فنبدأ الحياة ونحن لا نملك تجربة معينة، وحين