ومن بعد تلاوة الآيات الإلهية والأوامر الربانية على القلوب المتهيئة لتنفيذ مضامين تلك الأوامر.
فالمجاهدون السالكون لطريق الحق ليس أمامهم من سبيل سوى اجتياز تلك المراحل الثلاث، وبنفس الصورة على العلماء العاملين أن يستوحوا في جهودهم الجماعية ذلك البرنامج.
ومما يذكر أن بعض المفسرين فسروا الآيات على أنها تعود على المجاهدين، والبعض الآخر أكد عودتها على العلماء، ولكن حصر مفهوم الآيات بالمجاهدين والعلماء فقط مستبعد بعض الشئ، وإن أعطيت الآيات طابعا عاما فإنها ستكون أقرب للواقع، وإذا اعتبرناها تخص الملائكة فإن الآخرين يمكنهم تنظيم حياتهم وفق مناهج الملائكة.
أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عندما يصف بخطبته في نهج البلاغة الملائكة، فإنه يقسمهم إلى مجموعات مختلفة، ويقول: " وصافون لا يتزايلون، ومسبحون لا يسأمون، لا يغشاهم نوم العيون، ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان، ولا غفلة النسيان، ومنهم امناء على وحيه، وألسنة إلى رسله " (1).
أما آخر حديثنا عن الآيات الثلاث هذه، فهو أن البعض يعتقد بأن القسم في هذه الآيات يعود إلى ذات الله، وكلمة (رب) مقدرة في جميع تلك الآيات، حيث يكون المعنى كالتالي: ورب الصافات صفا، ورب الزاجرات زجرا، ورب التاليات ذكرا.
والذين فسروا الآيات على هذا النحو، فالظاهر أنهم يعتقدون بأن العباد لا يحق لهم القسم بغير الله، لذا فإن الله لا يقسم إلا بذاته، إضافة إلى أن القسم يجب أن يكون بشئ مهم، ألا وهو ذات الله المقدسة.
إلا أن هؤلاء غفلوا عن هذه الحقيقة، وهي أن حساب الله لا علاقة له بالعباد،