فيا له من حديث مهم وقيم ذلك الذي يوضح موقعنا في عالم الوجود من خالق الوجود، ويكشف الكثير من الغموض، ويجيب على الكثير من الأسئلة.
نعم، فالقائم بذاته غير المحتاج لسواه، واحد أحد، وهو الله تعالى، وكل البشر بل كل الموجودات محتاجة إليه في جميع شؤونها وفقيرة إليه ومرتبطة بذلك الوجود المستقل بحيث لو قطع ارتباطها به لحظة واحدة لأصبحت عدم في عدم، فكما أنه غير محتاج مطلقا، فإن البشر يمثلون الفقر المطلق، وكما أنه قائم بذاته، فالمخلوقات كلها قائمة به تعالى، لأنه وجود لا متناهي من كل ناحية، وواجب الوجود في الذات والصفات.
ومع حال كهذه، ما حاجته تعالى لعبادتنا؟! فنحن المحتاجون والفقراء إلى الله ونسلك سبيل تكاملنا عن طريق عبادته وطاعته، ونقترب بذلك من مصدر الفيض اللامتناهي، ونغترف من أنوار ذاته وصفاته.
وفي الحقيقة فإن هذه الآية توضيح للآيات السابقة حيث يقول تعالى: ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير.
وعليه فإن البشر محتاجون له لا لسواه، لذا فيجب عليهم أن لا يطأطئوا رؤوسهم لغيره تعالى، وأن لا يطلبوا حاجاتهم إلا منه تبارك اسمه، لأن ما سوى الله محتاج إلى الله كحاجتهم إليه، وحتى أن تعظيم أنبياء الله وقادة الحق إنما هو لأنهم رسله تعالى وممثلوه، لا لذواتهم مستقلة.
وعليه فهو " غني " كما أنه " حميد " أي إنه في عين استغنائه عن كل أحد، فهو رحيم وعطوف وأهل بكل حمد وشكر، وفي عين انه أرحم الراحمين، فهو غير محتاج لأحد مطلقا.
الالتفات إلى هذه الحقيقة له أثران إيجابيان على المؤمنين، فهي تستنزلهم من مركب الغرور والأنانية والطغيان من جانب، وتنبههم إلى أنهم لا يملكون شيئا من أنفسهم يستقلون به، وأنهم مؤتمنون على كل ما في أيديهم من جانب آخر، لكي لا