والتجليات!!
هذا التعبير يعطي أبعادا أوسع وأعم لما جرى لإبراهيم وابنه، ويخرج هذه المجريات من بعدها الشخصي والخاص، ويوضح أنه أينما كان الإيمان كان هناك إيثار وحب وفداء وعفو، وأن إبراهيم كان يختار كل ما يختاره الله ويريد كل ما أراده الله، وكل مؤمن يستطيع أن يكون كذلك.
ثم تتناول هذه الآيات نعمة أخرى من النعم التي وهبها الله تعالى لإبراهيم وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين.
فبالانتباه إلى الآية فبشرناه بغلام حليم التي ذكرناها في مقدمة هذه الأحداث، يتضح بصورة جيدة أن هاتين البشارتين تتعلقان بولدين، وبما أن البشرى الأخيرة وفق ما جاء في الآية تخص (إسحاق)، فإن (الغلام الحليم) بالتأكيد هو (إسماعيل) فالذين يصرون على أن الذبيح هو (إسحاق) عليهم أن يعرفوا أنهم اعتبروا الآيتين تشيران إلى موضوع واحد مع هذا التفاوت، وهو أن الآية الأولى بشرت بالولد والآية الثانية بشرت بالنبوة، ولكن هذا المعنى مستبعد جدا، والآيات المذكورة أعلاه تبين بوضوح أن البشارتين تتعلقان بولدين.
على أية حال فإن بشرى النبوة تكشف عن أن إسحاق يجب أن يبقى حيا وأن يؤدي تكاليف ومهمة النبوة، وهذا لا يتلاءم مع قضية الذبح.
مرة أخرى سنتطرق إلى عظمة مرتبة الصالحين، إذ وصفت الآية الكريمة إسحاق بأنه (يجب أن يصبح نبيا وأن يكون من الصالحين) فكم هي رفيعة مرتبة الصالحين عند الله سبحانه وتعالى؟
الآية الأخيرة تتحدث عن البركة التي أنزلها الباري جل وعلا على إبراهيم وابنه إسحاق وباركنا عليه وعلى إسحاق.
ولكن البركة في أي شئ؟ لم يرد بهذا الشأن أي توضيح، وكما هو معلوم فإن