منهما ذكر إحتمالات متعددة، ذكرنا قسما منها.
و " العلامة الطباطبائي " في " الميزان " يرى أن " ما بين أيديكم " الشرك والمعاصي في الحياة الدنيا، و " ما خلفكم " العذاب في الآخرة (1). في حين أن ظاهر الآية هو أن كلا الاثنين من جنس واحد، وليس بينهما سوى التفاوت الزمني، لا أن إحداهما إشارة إلى الشرك والذنوب، والاخرى إشارة إلى العقوبات الواقعة نتيجة ذلك.
على كل حال فأحسن تفسير لهذه الجملة هو ما ذكرناه أولا، وآيات القرآن المختلفة شاهد على ذلك أيضا، وهو أن المقصود من " ما بين أيديكم " هو عقوبات الدنيا و " ما خلفكم " عقوبا الآخرة.
الآية التالية تؤكد نفس المعنى وتشير إلى لجاجة هؤلاء الكفار وإعراضهم عن آيات الله وتعاليم الأنبياء، تقول الآية الكريمة: وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين.
فلا الآيات الأنفسية تؤثر فيهم، ولا الآفاقية، ولا التهديد والإنذار، ولا البشارة والتطمين بالرحمة الإلهية، لا يتقبلون منطق العقل ولا أمر العواطف والفطرة، فهم مبتلون بالعمى الكلي بحيث لا يتمكنون حتى من رؤية أقرب الأشياء إليهم، وحتى أنهم لا يفرقون بين ظلمة الليل وشمس الظهيرة.
ثم يشخص القرآن الكريم أحد الموارد المهمة لعنادهم وإعراضهم فيقول:
وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين.
ذلك المنطق الضعيف الذي يتمسك به الأنانيون والبخلاء في كل عصر وزمان ويقولون: إن فلانا أصبح فقيرا بسبب عمل ارتكبه وأدى به إلى الفقر، مثلما أننا أغنياء بسبب عمل عملنا فشملنا لطف الله ورحمته، وعليه فليس فقره ولا غنانا