وهنا يطرح السؤال التالي: لماذا ابتدأ الحديث بذكر الظالمين كمجموعة أولي، ثم المقتصد، ثم السابقين بالخيرات، في حين أن العكس يبدو أولى من عدة جهات؟
بعض كبار المفسرين قالوا للإجابة على هذا السؤال: إن الهدف هو بيان ترتيب مقامات البشر في سلسلة التكامل، لأن أول المراحل هي مرحلة العصيان والغفلة، وبعدها مقام التوبة والإنابة، وأخيرا التوجه والاقتراب من الله سبحانه وتعالى، فحين تصدر المعصية من الإنسان فهو " ظالم لنفسه "، وحين يلج مقام التوبة فهو " مقتصد "، وحين تقبل توبته ويزداد جهاده في طريق الحق، ينتقل إلى مقام القرب ليرقى إلى مقام " السابقين بالخيرات " (1).
وقال آخر: بأن هذا الترتيب لأجل الكثرة والقلة في العدد والمقدار، فالظالمون يشكلون الأكثرية، والمقتصدون في المرتبة التالية، والسابقون للخيرات وهم الخاصة والأولياء من الناس هم الأقلية وان كانوا أفضل من الناحية الكيفية.
الملفت للتأمل ما نقل في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (ما مؤداه):
" قدم الظالم لكي لا ييأس من رحمة الله، وأخر السابقون بالخيرات لكي لا يأخذهم الغرور بعملهم " (2).
ويمكن أن يكون كل من هذه المعاني الثلاثة مقصودا.
وآخر كلام في تفسير هذه الآية حول المشار إليه في جملة ذلك هو الفضل الكبير؟
قال البعض، بأنه ميراث الكتاب الإلهي، وقال آخرون بأنه إشارة إلى التوفيق التي شمل حال السابقين بالخيرات، وطيهم لهذا الطريق بإذن الله، لكن يبدو أن