فقال: " الملك ملكان: ملك مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس، وملك مأخوذ من قبل الله تعالى كملك آل إبراهيم وملك طالوت وذي القرنين، فقال سليمان (عليه السلام):
هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي أن يقول إنه مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس، فسخر الله عز وجل له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، وجعل غدوها شهرا ورواحها شهرا، وسخر الله عز وجل له الشياطين كل بناء وغواص، وعلم منطق الطير ومكن في الأرض، فعلم الناس في وقته وبعده أن ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل والمالكين بالغلبة والجور.
قال: فقلت له: فقول رسول الله: " رحم الله أخي سليمان بن داود ما كان أبخله "؟
فقال: " لقوله (عليه السلام) وجهان: أحدهما: ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه، والوجه الآخر يقول: ما كان أبخله إن كان أراد ما كان يذهب إليه الجهال " (1).
الآيات التالية تبين - كما قلنا - موضوع استجابة الله سبحانه وتعالى لطلب سليمان ومنحه ملكا يتميز بامتيازات خاصة ونعم كبيرة، يمكن إيجازها في خمسة أقسام:
1 - تسخير الرياح له بعنوان واسطة سريعة السير، كما تقول الآية: فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب.
من الطبيعي أن الملك الواسع الكبير يحتاج إلى واسطة اتصال سريعة، كي يتمكن صاحب ذلك الملك من تفقد كل مناطق مملكته بسرعة في الأوقات الضرورية، وهذا الامتياز منحه الباري عز وجل لسليمان (عليه السلام).
أما كيف كانت الرياح تطيع أوامره؟
وبأي سرعة كانت تسير؟
وعلى أي شئ كان سليمان وأصحابه يركبون أثناء انتقالهم من مكان إلى آخر عبر الرياح؟