آنذاك.
في تفسير الآية 32 من سورة الأعراف تحدثنا بالتفصيل عن استثمار المؤمنين الأطعمة الطيبة والزينة المعقولة (المجلد الخامس من هذا التفسير).
الآية التالية تبين بعض ألوان الأطعمة المحرمة، وتقول: إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله.
تذكر الآية ثلاثة أنواع من اللحوم المحرمة إضافة إلى الدم، وهي من أكثر المحرمات انتشارا في ذلك العصر، في بعضها خبث ظاهر لا يخفى على أحد كالميتة والدم ولحم الخنزير، وفي بعضها خبث معنوي كالتي ذبحت من أجل الأصنام.
الحصر في الآية بكلمة " إنما " هو " حصر إضافي " لا يستهدف منه بيان جميع المحرمات، بل نفي ما ابتدعوه بشأن بعض اللحوم المحللة. بعبارة أخرى، هؤلاء الجاهليون حرموا بعض الأطعمة الطيبة استنادا إلى ما توارثوه من خرافات وأوهام، لكنهم بدلا من ذلك كانوا يعمدون عند قلة الطعام إلى أكل الميتة أو الخنزير أو الدم.
القرآن يقول لهؤلاء: إن هذه هي الأطعمة المحرمة لا تلك (وهذا هو معنى الحصر الإضافي).
ولما كانت بعض الضرورات تدفع الإنسان إلى تناول الأطعمة المحرمة حفظا لحياته، فقد استثنت الآية هذه الحالة وقالت: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه.
ومن أجل أن تقطع الآية الطريق أمام من يتذرع بالاضطرار، أكدت على كون المضطر " غير باغ " و " لا عاد ". والباغي هو الطالب، والمراد هنا طالب اللذة والعادي هو المتجاوز للحد، أي المتجاوز حد الضرورة، فالرخصة هنا إذن لمن لا يريد اللذة في تناول هذه الأطعمة، ولا يتجاوز حد الضرورة اللازمة لنجاته من