الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين.
كان هذا طبعا للمرحلة الأولى من الدعوة، وفي المراحل التالية ألغيت مسائل القومية والوطن (الجغرافي)، وربى الإسلام أبناءه على أساس مبادئ " العالمية " كوطن، و " الإنسانية " كقومية.
بعد ذكر هذه النعمة يشير القرآن إلى أربع نعم عادت على المسلمين ببركة هذه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
1 - يتلوا عليكم آياتنا، ويتلو من التلاوة، أي من إتيان الشئ متواليا، والإتيان بالعبارات المتوالية (وبنظام صحيح) هي التلاوة.
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذن يقرأ عليكم آيات الله متتالية، لتنفذ إلى قلوبكم، ولإعداد أنفسكم إلى التعليم والتربية.
2 - ويزكيكم.
و " التزكية " هو الزيادة والإنماء، أي إن النبي بفضل آيات الله يزيدكم كمالا ماديا ومعنويا، وينمي أرواحكم، ويربي في أنفسكم الطهر والفضيلة، ويزيل ألوان الرذائل التي كانت تغمر مجتمعكم في الجاهلية.
3 - ويعلمكم الكتاب والحكمة.
التعليم طبعا مقدم بشكل طبيعي على التربية، ولكن القرآن - كما ذكرنا - يقدم التربية في مواضع تأكيدا على أنها هي الهدف النهائي.
الفرق بين " الكتاب " و " الحكمة " قد يكون بلحاظ أن الكتاب إشارة إلى آيات القرآن والوحي الإلهي النازل على النبي بشكل إعجازي، والحكمة حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعاليمه المسماة بالسنة.
وقد يكون الكتاب إشارة إلى أصل التعاليم الإسلامية، والحكمة إشارة إلى أسرارها وعللها ونتائجها.