وتقول الآية 96 من سورة آل عمران: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا. ومن المؤكد أن عبادة الله وإقامة أماكن العبادة لم تبدأ في زمن إبراهيم، بل كانتا منذ أن خلق الإنسان على ظهر هذه الأرض.
عبارة الآية الأولى من الآيات محل البحث يؤكد هذا المعنى، إذ تقول: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.
فإبراهيم وإسماعيل قد رفعا قواعد البيت التي كانت موجودة.
وفي خطبة للإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في نهج البلاغة، وهي المسماة بالقاصعة، يقول:
" ألا ترون أن الله سبحانه اختبر الأولين من لدن آدم صلوات الله عليه إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار... فجعلها بيته الحرام... ثم أمر آدم (عليه السلام) وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه (1)... " (2).
القرائن القرآنية والروائية تؤيد أن الكعبة بنيت أولا بيد آدم، ثم انهدمت في طوفان نوح، ثم أعيد بناؤها على يد إبراهيم وإسماعيل (3).
في الآيتين التاليتين يتضرع إبراهيم وإسماعيل إلى رب العالمين بخمسة طلبات هامة. وهذه الطلبات المقدسة حين الاشتغال بإعادة بناء الكعبة جامعة ودقيقة بحيث تشمل كل احتياجات الإنسان المادية والمعنوية، وتفصح عن عظمة هذين النبيين الكبيرين.
قالا أولا: ربنا واجعلنا مسلمين.
ثم أضافا: ومن ذريتنا أمة مسلمة لك.