لأن الأمر الإلهي لم يحدد شكل البقرة ونوعها، ولو أراد الله بقرة بعينها لحدد مواصفاتها حين الأمر. لكن الله أمرهم أن يذبحوا " بقرة " وصيغة التنكير تدل على عدم إرادة التحديد.
هؤلاء المعاندون أبوا إلا أن يطرحوا أسئلة متكررة، أملا في تضييع الحقيقة وإخفاء القاتل، وبقوا يصرون على ترددهم في الذبح حتى النهاية، وهذا ما تشير إليه عبارة: فذبحوها وما كادوا يفعلون.
وفي الآيات ما يشير إلى أن مجموعة من بني إسرائيل - على الأقل - كانت تعرف القاتل، وقد يكون القتل قد تم بمؤامرة بين هؤلاء الأفراد، لكنهم كانوا يكتمون الأمر، ولهذا يقول سبحانه: والله مخرج ما كنتم تكتمون.
أضف إلى ما سبق أن أهل العناد واللجاج يكثرون دائما من الجدل والاحتجاج على كل شئ.
وثمة قرائن في الآيات توضح أن هؤلاء القوم لم تكن لهم معرفة كاملة بالله ولا بالنبي المرسل إليهم، لذلك قالوا له بعد كل أسئلتهم: الآن جئت بالحق، وكأن ما جاء به حتى ذلك الوقت كان باطلا!!
والملاحظ أن الله سبحانه ضيق عليهم دائرة الانتخاب، واشتد بذلك عليهم التكليف كلما زادوا في أسئلتهم، لأنهم مستحقون لمثل هذا العقاب. ولذلك نرى في الأثر حث على السكوت عما سكتت عنه تعاليم السماء ففي ذلك حكمة. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنهم أمروا بأدنى بقرة ولكنهم لما شددوا على أنفسهم شدد الله عليهم " (1).
* * * 3 2 - مدلول هذه الأوصاف:
كان تكليف بني إسرائيل - كما ذكرنا - مطلقا غير مقيد بمواصفات معينة.