تعقلون؟!
منهج الدعاة إلى الله يقول على أساس العمل أولا ثم القول. فالداعية إلى الله يبلغ بعمله قبل قوله، كما جاء في الحديث عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام):
" كونوا دعاة الناس بأعمالكم ولا تكونوا دعاة بألسنتكم " (1).
التأثير العميق للدعوة العملية يأتي من قدرة مثل هذه الدعوة على فتح منافذ قلب السامع، فالسامع يثق بما يقوله الداعية العامل، ويرى أن هذا الداعية مؤمن بما يقول وأن ما يقوله صادر عن القلب. والكلام الصادر عن القلب ينفذ إلى القلب. وأفضل دليل على إيمان القائل بما يقوله، هو العمل بقوله قبل غيره، كما يقول علي (عليه السلام): " أيها الناس إني والله ما أحثكم على طاعة إلا وأسبقكم إليها، ولا أنهاكم عن معصية إلا وأتناهى قبلكم عنها " (2).
وفي حديث عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): " من أشد الناس عذابا يوم القيامة من وصف عدلا وعمل بغيره " (3).
علماء اليهود كانوا يخشون من انهيار مراكز قدرتهم وتفرق عامة الناس عنهم، إن اعترفوا برسالة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولذلك حرفوا ما ورد بشأن صفات نبي الإسلام في التوراة.
والقرآن يحث على الاستعانة بالصبر والصلاة للتغلب على الأهواء الشخصية والميول النفسية، فيقول في الآية التالية: واستعينوا بالصبر والصلاة ثم يؤكد أن هذه الاستعانة ثقيلة لا ينهض بعبئها إلا الخاشعون: وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين.
وفي الآية الأخيرة من هذه المجموعة وصف للخاشعين: الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون.