بني إسرائيل.
يقول تعالى: وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم، فالقرآن مصدق لما مع اليهود من كتاب. أي أن البشائر التي زفتها التوراة والكتب السماوية الأخرى بشأن النبي الخاتم، والأوصاف التي ذكرتها لهذا النبي والكتاب السماوي تنطبق على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعلى القرآن المنزل عليه. فلماذا لا تؤمنون به؟!
ثم يقول سبحانه: ولا تكونوا أول كافر به أي - لا عجب أن يكون المشركون والوثنيون في مكة - كفارا بالرسالة، بل العجب في كفركم، بل في كونكم روادا للكفر، وسباقين للمعارضة. لأنكم أهل الكتاب، وكتابكم يحمل بشائر ظهور هذا النبي، وكنتم لذلك تترقبون ظهوره. فما عدى مما بدا؟ ولماذا كنتم أول كافر به؟!.
إنه تعنتهم الذي لولاه لكانوا أول المؤمنين برسالة النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم).
المقطع الثالث من الآية يقول: ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا.
آيات الله، لا ينبغي - دون شك - معاوضتها، بأي ثمن، قليلا كان أم كثيرا.
وفي تعبير هذه الآية إشارة إلى دناءة هذه المجموعة من اليهود، التي تنسى كل التزاماتها من أجل مصالحها التافهة. هذه الفئة، التي كانت قبل البعثة من المبشرين بظهور نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبكتابه السماوي، أنكرت بشارات التوراة وحرفتها، حين رأت مصالحها معرضة للخطر، وعلمت أن مكانتها الاجتماعية معرضة للانهيار عند انكشاف الحقيقة للناس.
في الواقع، لو أعطيت الدنيا بأجمعها لشخص ثمنا لإنكار آية واحدة من آيات الله، لكان ثمنا قليلا، لأن هذه الحياة فانية، والحياة الأخرى هي دار البقاء والخلود. فما بالك بإنسان يفرط بهذه الآيات الإلهية في سبيل مصالحه التافهة؟!
في المقطع الرابع تقول الآية: وإياي فاتقون، والخطاب موجه إلى زعماء اليهود الذين يخشون أن ينقطع رزقهم، وأن يثور المتعصبون اليهود ضدهم،