من الذي منح الإنسان نعمة الحياة؟ هل أن الكائن البشري هو الذي منح نفسه الحياة؟! كل إنسان منصف لا يتردد أن يجيب: أن هذه الحياة موهوبة للإنسان من لدن عالم قادر... عالم برموز الحياة وقوانينها المعقدة... وقادر على تنظيمها. إذن كيف يكفر هذا الإنسان بمن أحياه بعد موته؟!
أجمعت العلماء اليوم أن مسألة الحياة أعقد مسألة في عالمنا هذا، لأن لغز الحياة لم ينحل حتى اليوم على الرغم من كل ما حققه البشر من تقدم هائل في حقل العلم والمعرقة. قد يستطيع العلم في المستقبل أن يكتشف بعض أسرار الحياة... لكن السؤال يبقى قائما بحاله: كيف يكفر الإنسان بالله وينسب هذه الحياة بتعقيداتها وغموضها وأسرارها إلى صنع الطبيعة العمياء الصماء الفاقدة لكل شعور وإدراك؟!
من هنا نقول إن ظاهرة الحياة في عالم الطبيعة أعظم سند لإثبات وجود الله تعالى. والقرآن يركز في الآية المذكورة على هذه المسألة بالذات، وهي مسألة تحتاج إلى مزيد من الدراسة والتعمق، لكننا نكتفي هنا بهذه الإشارة.
بعد التذكير بهذه النعمة، تؤكد الآية على دليل واضح آخر وهو " الموت " ثم يميتكم.
ظاهرة " الموت " يراها الإنسان في حياته اليومية، من خلال وفاة من يعرفهم ومن لا يعرفهم، وهذه الظاهرة تبعث أيضا على التفكير، من الذي قبض أرواحهم؟ ألا يدل سلب الحياة منهم على أن هناك من منحهم هذه الحياة؟
نعم... إن خالق الحياة هو خالق الموت أيضا، وإلى ذلك تشير الآية الكريمة:
الذي خلق الموت والحيوة ليبلوكم أيكم أحسن عملا (1).
بعد أن ذكرت الآية هذين الدليلين الواضحين على وجود الله، تناولت المعاد