ذكرت أولا خلق الأرض: الذي جعل لكم الأرض فراشا.
فهذه الكرة السائرة بسرعة مذهلة في الفضاء، قد سخرت للإنسان كي يمتطيها ويستقر عليها دون أن تؤثر عليه حركتها.
وتتجلى عظمة نعمة الأرض أكثر حين نلاحظ خاصية الجاذبية التي تؤمن لنا إمكانية الاستقرار وإنشاء الأبنية والمزارع، وسائر مستلزمات الحياة على هذه الأرض. فلو انعدمت هذه الخاصية لحظة واحدة لتناثر كل ما على هذه الأرض من إنسان وحيوان ونبات في الفضاء!
تعبير " فراش " يصور بشكل رائع مفهوم الاستقرار والاستراحة، كما يصور إضافة إلى ذلك مفهوم الاعتدال والتناسب في الحرارة. هذه الحقيقة يعبر عنها الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) مفسرا هذه الآية إذ يقول:
" جعلها ملائمة لطباعكم، موافقة لأجسادكم ولم يجعلها شديدة الحماء والحرارة فتحرقكم، ولا شديدة البرودة فتجمدكم، ولا شديدة طيب الريح فتصدع هاماتكم، ولا شديدة النتن فتعطبكم، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في دوركم وأبنيتكم وقبور موتاكم... فلذلك جعل الأرض فراشا لكم "! (1).
ثم تتعرض الآية إلى نعمة السماء فتقول: والسماء بناء.
كلمة " سماء " وردت في القرآن بمعان مختلفة، وكلها تشير إلى العلو، واقتران كلمة " سماء " مع " بناء " يوحي بوجود سقف يعلو البشر على ظهر هذه الأرض. بل إن القرآن صرح بكلمة " سقف " في بيان حال السماء إذ قال: وجعلنا السماء سقفا محفوظا (2).
لعل هذا التعبير القرآني يثير استغراب أولئك الذين يفهمون موقع الأرض في الفضاء، فيتسائلون عن هذا السقف... عن مكانه وكيفيته. ولعل هذا التعبير يعيد -