فدليل على ملكه، وأنه الملك الحق المبين، لم يزل، ولا يزال، ولا يزول ملكه.
وأما (الدال) فدليل على دوام ملكه، وأنه دائم، تعالى عن الكون والزوال، بل هو الله، عز وجل، مكون الكائنات الذي كان بتكوينه كل كائن. ثم قال (ع): لو وجدت لعلمي الذي أتاني الله حملة، لنشرت التوحيد والإسلام، والدين والشرائع، من الصمد، وكيف لي بذلك، ولم يجد جدي أمير المؤمنين (ع) حملة لعلمه، حتى كان يتنفس على الصعداء، أو يقول على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين الجوانح مني علما جما. هاه! هاه! ألا لا أجد من يحمله، ألا وإن عليكم من الله الحجة البالغة، فلا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة، كما يئس الكفار من أصحاب القبور.
وعن عبد خير قال: سأل رجل عليا (ع) عن تفسير هذه السورة، فقال: قل هو الله أحد بلا تأويل عدد، الصمد بلا تبعيض بدد، لم يلد فيكون موروثا هالكا، ولم يولد فيكون إلها مشاركا، ولم يكن له من خلقه كفوا أحد. وقال ابن عباس: لم يلد فيكون والدا، ولم يولد فيكون ولدا. وقيل: لم يلد ولدا فيرث عنه ملكه، ولم يولد فيكون قد ورث الملك عن غيره. وقيل: لم يلد فيدل على حاجته، فإن الانسان يشتهي الولد لحاجته إليه، ولم يولد فيدل على حدوثه، وذلك من صفة الأجسام.
وفي هذا رد على القائلين إن عزيرا والمسيح ابن الله، وإن الملائكة بنات الله، ولم يكن له كفوا أحد أي: لم يكن له أحد كفوا أي: عديلا ونظيرا يماثله. وفي هذا رد على من أثبت له مثلا في القدم، وغيره من الصفات. وقيل: معناه ولم تكن له صاحبة وزوجة فتلد منه، لأن الولد يكون من الزوجة، فكنى عنها بالكفوء، لأن الزوجة تكون كفوا لزوجها.
وقيل: إنه سبحانه بين التوحيد بقوله (الله أحد)، وبين العدل بقوله (الله الصمد)، وبين ما يستحيل عليه من الوالد والولد بقوله (لم يلد ولم يولد)، وبين ما لا يجوز عليه من الصفات بقوله (ولم يكن له كفوا أحد) وفيه دلالة على أنه ليس بجسم، ولا جوهر، ولا عرض، ولا هو في مكان، ولا جهة، وقال بعض أرباب اللسان: وجدنا أنواع الشرك ثمانية: النقص، والتقلب، والكثرة، والعدد، وكونه علة أو معلولا، والأشكال، والأضداد.
فنفى الله سبحانه عن صفته نوع الكثرة والعدد بقوله: (قل هو الله أحد) ونفى