الذي لا نظير له. والتوحيد: الإقرار بالوحدة، وهو الانفراد، والواحد: المباين الذي لا ينبعث من شئ، ولا يتحد بشئ. ومن ثم قالوا: إن بناء العدد من الواحد، وليس الواحد من العدد، لأن العدد لا يقع على الواحد، بل يقع على الاثنين. فمعنى قوله (الله أحد) أي: المعبود الذي يأله الخلق عن إدراكه، والإحاطة بكيفيته، فرد بإلهيته، متعال عن صفات خلقه.
(الله الصمد) قال الباقر (ع): حدثني أبي زين العابدين (ع)، عن أبيه الحسين بن علي (ع)، أنه قال: الصمد الذي قد انتهى سؤدده، والصمد الدائم الذي لم يزل، ولا يزال. والصمد الذي لا جوف له. والصمد الذي لا يأكل ولا يشرب. والصمد الذي لا ينام. وأقول: إن المعنى في هذه الثلاثة أنه سبحانه الحي الذي لا يحتاج إلى الطعام والشراب والنوم. قال الباقر (ع): والصمد السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر ولا ناه. قال: وكان محمد بن الحنفية يقول: الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره. وقال غيره: الصمد المتعالي عن الكون والفساد. والصمد الذي لا يوصف بالنظائر. قال: وسئل علي بن الحسين زين العابدين (ع) عن الصمد، فقال: الصمد الذي لا شريك له، ولا يؤوده حفظ شئ، ولا يعزب عنه شئ. وقال أبو البختري، وهب بن وهب القرشي: قال زيد بن علي (ع): الصمد الذي إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. والصمد الذي أبدع الأشياء فخلقها أضدادا وأصنافا وأشكالا وأزواجا، وتفرد بالوحدة بلا ضد، ولا شكل، ولا مثل، ولا ند.
قال وهب بن وهب: وحدثني الصادق جعفر بن محمد (ع)، عن أبيه الباقر (ع) أن أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي (ع) يسألونه عن الصمد، فكتب إليهم: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فلا تخوضوا في القرآن، ولا تجادلوا فيه، ولا تكلموا فيه بغير علم، فقد سمعت جدي رسول الله (ص) يقول:
" من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النارا وإن الله قد فسر سبحانه الصمد فقال: (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوأ أحد).
(لم يلد) لم يخرج منه شئ كثيف، كالولد، ولا سائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين، ولا شئ لطيف كالنفس، ولا ينبعث منه البدوات كالسنة والنوم، والخطرة والغم، والحزن والبهجة، والضحك والبكاء، والخوف والرجاء، والرغبة والسآمة، والجوع والشبع، تعالى أن يخرج منه شئ، وأن يتولد منه شئ