يكون بالنقل إلى حال الجمادية.
(ويل يومئذ) يعني يوم الجزاء (للمكذبين) فإنهم يجازون بأليم العقاب (ألم نخلقكم من ماء مهين) أي حقير قليل الغناء، وفي خلق الانسان على هذا الكمال من الحواس الصحيحة، والعقل الشريف، والتمييز والنطق، من ماء ضعيف، أعظم الاعتبار، وأبين الحجة على أن له صانعا مدبرا حكيما، والجاحد لذلك كالمكابر لبداهة العقول. (فجعلناه) أي فجعلنا ذلك الماء المهين (في قرار مكين) يعني الرحم (إلى قدر معلوم) أي إلى مقدار من الوقت معلوم، يعني مدة الحمل (فقدرنا) أي قدرنا خلقه كيف يكون قصيرا أو طويلا، ذكرا أو أنثى.
(فنعم القادرون) أي: فنعم المقدرون نحن. ويجوز أن يكون المعنى إذا خفف من القدرة أي: قدرنا على جميع ذلك، فنعم القادرون على تدبير ذلك، وعلى ما لا يقدر عليه أحد، إلا نحن، فحذف المخصوص بالمدح (ويل يومئذ للمكذبين) بأنا قد خلقنا الخلق، وأنا نعيدهم (ألم نجعل الأرض كفاتا) للعباد تكفتهم (أحياء) على ظهرها في دورهم ومنازلهم. (و) تكفتهم (أمواتا) في بطنها أي تحوزهم وتضمهم، عن قتادة ومجاهد والشعبي. قال بنان: خرجنا في جنازة مع الشعبي، فنظر إلى الجنازة فقال: هذه كفات الأموات. ثم نظر إلى البيوت فقال:
هذه كفات الأحياء، وروي ذلك عن أمير المؤمنين عليه اسلام. وقيل: كفاتا أي: وعاء.
وهذا كفته أي وعاءه وقوله أحياء وأمواتا أي: منه ما ينبت ومنه ما لا ينبت. فعلى هذا يكون (أحياء وأمواتا) نصبا على الحال، وعلى القول الأول على المفعول به.
(وجعلنا فيها رواسي شامخات) أي جبالا ثابتة عالية (وأسقيناكم ماء فراتا) أي وجعلنا لكم سقيا من الماء العذب، عن ابن عباس. (ويل يومئذ للمكذبين) بهذه النعم وأنها من جهة الله. وقيل: بالأنبياء والقرآن، وإنما كرر لأنه عدد النعم، فذكره عند كل نعمة، فلا يعد ذلك تكرارا، وقد تقدم الوجه في التكرار في سورة الرحمن.
(انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون (29) انطلقوا إلى ظل ذي ثلث شعب (30) لا ظليل ولا يغني من اللهب (31) إنها ترمي بشرر كالقصر (32) كأنه جمالات صفر (33) ويل يومئذ للمكذبين (34) هذا يوم لا ينطقون (35) ولا يؤذن لهم فيعتذرون (36) ويل