وقوله (الله الصمد) الله مبتدأ، والصمد خبره. ويجوز أن يكون (الصمد) صفة الله. والله خبر مبتدأ محذوف أي: هو الله الصمد. ويجوز أن يكون (الله الصمد) خبرا بعد خبر على قول من جعل هو ضمير الأمر والحديث. (ولم يكن له كفوا أحد) قال: إن له ظرف غير مستقر، وهو متعلق بكان. وكفوا: منتصب بأنه خبر متقدم، كما كان قوله تعالى: (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) كذلك.
وزعموا أن من البغداديين من يقول: إن في (يكن) من قوله (ولم يكن له كفوا أحد) ضميرا مجهولا. وقوله (كفوا) ينتصب على الحال، والعامل فيها له.
وهذا إذا أفردته عن (يكن) كان معناه: له أحد كفوا. وإذا حمل على هذا لم يسغ.
ووجه ذلك أنه محمول على معنى النفي، فكأنه لم يكن أحد له كفوا، كما كان قولهم: ليس الطيب إلا المسك، محمولا على معنى النفي، ولولا حمله على المعنى لم يجز. ألا ترى أنك لو قلت: زيد إلا منطلق، لم يكن كلاما. فكما أن هذا محمول على المعنى، كذلك (له كفوا أحد) محمول على المعنى. وعلى هذا جاز أن يكون (أحد) فيه الذي يقع لعموم النفي. ولولا ذلك لم يجز أن يقع (أحد) هذا في الإيجاب. فإن قلت: أيجوز أن يكون قوله تعالى له عندكم حالا على أن يكون المعنى ولم يكن كفوا له أحد، فيكون له صفة للنكرة. فلما قدم صار في موضع الحال كقوله: (لعزة موحشا طلل قديم) (1) فإن سيبويه قال: إن ذلك يقل في الكلام، وإن كثر في الشعر، فإن حملته على هذا على استكراه، كان غير ممتنع.
والعامل في قوله له إذا كان حالا، يجوز أن يكون أحد شيئين أحدهما: يكن والاخر: أن يكون ما في معنى كفوا من معنى المماثلة. فإن قلت: إن العامل في الحال إذا كان معنى، لم يتقدم الحال عليه، فإن (له) لما كان على لفظ الظرف، والظرف يعمل فيه المعنى، وإن تقدم عليه، كقولك: كل يوم لك ثوب، كذلك يجوز في هذا الظرف، وذلك من حيث كان ظرفا، وفيه ضمير في الوجهين يعود إلى ذي الحال، وهو (كفوا).