ومعنى قوله سئلت: (بأي ذنب قتلت) أن الموءودة تسأل فيقال لها: بأي ذنب قتلت، ومعنى سؤالها توبيخ قاتلها، لأنها تقول: قتلت بغير ذنب. ويجري هذا مجرى قوله سبحانه لعيسى (ع) (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله) على سبيل التوبيخ لقومه وإقامة الحجة عليهم، عن الفراء. وقيل: إن معنى (سئلت) طولب قاتلها بالحجة في قتلها، وسئل عن سبب قتلها، فكأنه قيل:
والموؤودة يسأل قاتلها بأي ذنب قتلت هذه، ونظيره قوله: (إن العهد كان مسؤولا) أي مسؤولا عنه، عن أبي مسلم. وعلى هذا فيكون القتلة هنا هم المسؤولين على الحقيقة، لا المقتولة، وإنما المقتولة مسؤول عنها.
(وإذا الصحف نشرت) يعني صحف الأعمال التي كتبت الملائكة فيها أعمال أهلها، من خير وشر، تنشر ليقرأها أصحابها، ولتظهر الأعمال، فيجازوا بحسبها.
(وإذا السماء كشطت) أي أزيلت عن موضعها كالجلد يزال عن الجزور، ثم يطويها الله. وقيل: معناه قلعت كما يقلع السقف، عن الزجاج. وقيل: كشفت عمن فيها. ومعنى الكشط رفعك شيئا عن شئ قد غطاه، كما يكشط الجلد عن السنام.
(وإذا الجحيم سعرت) أوقدت وأضرمت حتى ازدادت شدة على شدة. وقيل:
سعرها غضب الله، وخطايا بني آدم، عن قتادة.
(وإذا الجنة أزلفت) أي قربت من أهلها للدخول. وقيل: قربت بما فيها من النعيم، فيزداد المؤمن سرورا، ويزداد أهل النار حسرة (علمت نفس ما أحضرت) أي إذا كانت هذه الأشياء التي تكون في القيامة، علمت في ذلك الوقت كل نفس ما وجدت حاضرا من عملها، كما قالوا: أحمدته وجدته محمودا. وقيل: علمت ما أحضرته من خير وشر. وإحضار الأعمال مجاز، لأنها لا تبقى والمعنى: إنه لا يشذ عنها شئ، فكأن كلها حاضرة. وقيل: إن المراد صحائف الأعمال.
(فلا أقسم بالخنس (15) الجوار الكنس (16) والليل إذا عسعس (17) والصبح إذا تنفس (18) إنه لقول رسول كريم (19) ذي قوة عند ذي العرش مكين (20) مطاع ثم أمين (21) وما صاحبكم بمجنون (22) ولقد رآه بالأفق المبين (23) وما هو على الغيب بضنين (24) وما هو بقول شيطان رجيم (25) فأين تذهبون (26) إن هو إلا ذكر للعالمين (27) لمن شاء منكم