(أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه) أي الذي يرزقكم إن أمسك الله الذي هو رازقكم أسباب رزقه عنكم، وهو المطر هنا (بل لجوا في عتو ونفور) أي ليسوا يعتبرون فينظرون بل تمادوا واستمروا في اللجاج، وجاوزوا الحد في تماديهم ونفورهم عن الحق، وتباعدهم عن الإيمان، لما كان للمشركين صوارف كثيرة عن عبادة الأوثان، وهم كانوا يتقحمون بذلك على العصيان، فقد لجوا في عتوهم. قال الفراء: قوله (من هذا الذي يرزقكم) الآية تعريف حجة ألزمها الله العباد، فعرفوا فأقروا بها، ولم يردوا لها جوابا. فقال سبحانه (بل لجوا في عتو ونفور).
(أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صرط مستقيم (22) قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون (23) قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون (24) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (25) قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين (26) فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون (27) قل أرءيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم (28) قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلل مبين (29) قل أرءيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين (30) القراءة: قرأ يعقوب. (تدعون) ساكنة الدال، خفيفة، وهو قراءة الحسن والضحاك وقتادة والباقون (تدعون) بالتشديد. وقرأ الكسائي: (فسيعلمون) بالياء.
والبا قون. بالتاء.
الحجة: أما قوله (تدعون) فالمعنى هذا الذي كنتم به تدعون الله، كقوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع). وأما (تدعون) بالتشديد فمعناه: تتداعون بوقوعه. قال ابن جني: يعني كانت الدعوة بوقوعه فاشية بينكم، كقوله تعالى في معنى العموم (ولا تنابزوا بالألقاب) أي لا يفش هذا فيكم، وليس معنى تدعون هنا من ادعاء الحقوق، وإنما بمعنى تتداعون من الدعاء، لا من الدعوى، كما في قول