سبيل الله يسرجها ويلجمها، ومن هلل الله مائة مرة كان أفضل الناس عملا في ذلك اليوم إلا من زاد. فبلغ ذلك الأغنياء فقالوه، فرجع الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا:
يا رسول الله! قد بلغ الأغنياء ما قلت فصنعوه! فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ".
ثم ضرب سبحانه لليهود الذين تركوا العمل بالتوراة مثلا فقال: (مثل الذين حملوا التوراة) أي كلفوا القيام بها، والعمل بما فيها (ثم لم يحملوها) حق حملها من أداء حقها، والعمل بموجبها، لأنهم حفظوها ودونوها في كتبهم، ثم لم يعملوا بما فيها (كمثل الحمار يحمل أسفارا) لان الحمار الذي يحمل كتب الحكمة على ظهره، لا يحس بما فيها. فمثل من يحفظ الكتاب، ولا يعمل بموجبه، كمثل من لا يعلم ما فيما يحمله. قال ابن عباس: فسواء حمله على ظهره، أو جحده، إذا لم يعمل به. وعلى هذا فمن تلا القرآن، ولم يفهم معناه، وأعرض عنه إعراض من لا يحتاج إليه، كان هذا المثل لاحقا به، وإن حفظه، وهو طالب لمعناه، فليس من أهل هذا المثل. وأنشد أبو سعيد الضرير في ذلك:
زوامل للاسفار لا علم عندهم * بجيدها إلا كعلم الأباعر لعمرك ما يدري المطي إذا غدا * بأسفاره إذ راح ما في الغرائر (1) (بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله) معناه بئس القوم قوم هذا مثلهم، لأنه سبحانه ذم مثلهم، والمراد به من ذمهم، واليهود كانوا بالقرآن والتوراة، حين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم (والله لا يهدي القوم الظالمين) أي لا يفعل بهم من الألطاف التي يفعلها بالمؤمنين الذين بها يهتدون. وقيل: لا يثيبهم ولا يهديهم إلى الجنة. وعن محمد بن مهران قال: يا أهل القرآن! اتبعوا القرآن قبل أن يتبعكم، وتلا هذه.
(قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين (6) ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله