(فأحسن صوركم) من حيث الحكمة، وقبول العقل، لا قبول الطبع، لأن في جملتهم من ليس على هذه الصفة. وقيل: فأحسن صوركم من حيث قبول الطبع، لأن ذلك هو المفهوم من حسن الصور، فهو كقوله (لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم) وإن كان في جملتهم من هو مشوه الخلق، لأن ذلك عارض لا يعتد به في هذا الوصف، فالله سبحانه خلق الانسان على أحسن صور الحيوان كله، والصورة عبارة عن بنية مخصوصة.
(وإليه المصير) أي إليه المرجع والمال يوم القيامة (يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون) أي ما يسره بعضكم إلى بعض، وما يخفيه في صدره عن غيره. والفرق بين الإسرار والإخفاء أن الإخفاء أعم لأنه قد يخفى شخصه ويخفي المعنى في نفسه. والإسرار يكون في المعنى دون الشخص. (والله عليم بذات الصدور) " أي بأسرار الصدور وبواطنها. ثم أخبر سبحانه أن القرون الماضية جوزوا بأعمالهم، فقال: (ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل) " أي من قبل هؤلاء الكفار (فذاقوا وبال أمرهم) " أي وخيم عاقبة كفرهم، وثقل أمرهم، بما نالهم من العذاب بالإهلاك والاستئصال. (ولهم عذاب أليم) " أي مؤلم يوم القيامة.
(ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد (6) زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير (7) فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير (8) يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم (9) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير (10) القراءة: قرأ رويس، عن يعقوب (يوم نجمعكم) بالنون. والباقون بالياء.
وقرأ أهل المدينة، وابن عامر: (نكفر عنه) و (ندخله) بالنون فيهما. والباقون بالياء.