لأنه لو كان بمعنى العلم، لكان (أن) بعده مخففة من (أن) الثقيلة على ما ذكر في غير موضع. وذكر سبحانه هذه الوجوه الظانة في مقابلة الوجوه الناظرة، فهؤلاء يرجون تجديد الكرامة، وهؤلاء يظنون حلول الفاقرة. فيكون حال الوجوه الراجية للأحوال السارة على الضد من حال الوجوه الظانة للفاقرة.
النظم: وجه اتصال قوله (لا تحرك به لسانك) بما قبله أنه لما تقدم ذكر القيامة والوعيد، خاطب سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: لا تحرك به لسانك لتعجل قراءته، بل كررها عليهم ليتقرر في قلوبهم، فإنهم غافلون عن الأدلة، ألهاهم حب العاجلة، فاحتاجوا إلى زيادة تنبيه وتقرير.
(كلا إذا بلغت التراقي (26) وقيل من راق (27) وظن أنه الفراق (28) والتفت الساق بالساق (29) إلى ربك يومئذ المساق (30) فلا صدق ولا صلى (31) ولكن كذب وتولى (32) ثم ذهب إلى أهله يتمطى (33) أولى لك فأولى (34) ثم أولى لك فأولى (35) أيحسب الانسان أن يترك سدى (36) ألم يك نطفة من مني يمنى (37) ثم، كان علقة فخلق فسوى (38) فجعل منه الزوجين الذكر و الأنثى (39) أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى (40).
القراءة: قرأ حفص، ورويس: (يمنى) بالياء. والباقون بالتاء.
الحجة: قال أبو علي من قرأ بالتاء حمله على النطفة أي: لم يك نطفة تمنى من مني. ومن قرأ بالياء حمله على المني أي من مني يمنى يقدر خلق الانسان وغيره منها. قال:
منت لك أن تلقى ابن هند منية * وفارس مياس إذا ما تلببا (1) وقال آخر:
لعمر أبي عمرو، لقد ساقه المنى * إلى جدث يؤزى له بالأهاضب (2)