موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان). وروي عن محمد بن عمر بن يزيد قال:
قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: إن لي ابنا شديد العلة، قال: مره يتصدق بالقبضة من الطعام بعد القبضة، فإن الله تعالى يقول (فلا اقتحم العقبة) وقرأ الآيات.
(يتيما ذا مقربة) أي ذا قربى من قرابة النسب والرحم. وهذا حث على تقديم ذوي القرابة المحتاجين على الأجانب في الإطعام والإنعام. (أو مسكينا) أي فقيرا (ذا متربة) قد لصق بالتراب من شدة فقره وضره. وروى مجاهد عن ابن عباس أنه قال: هو المطروح في التراب، لا يقيه شئ. وهذا مثل قولهم: فقير مدقع، مأخوذ من الدقعاء وهو التراب. ثم بين سبحانه أن هذه القربة إنما تنفع مع الإيمان فقال:
(ثم كان من الذين آمنوا) أي ثم كان مع هذا من جملة المؤمنين الذين استقاموا على إيمانهم. (وتواصوا بالصبر) على فرائض الله، والصبر عن معصية الله أي وصى بعضهم بعضا بذلك. (وتواصوا بالمرحمة) أي وأوصى بعضهم بعضا بالمرحمة على أهل الفقر، وذوي المسكنة والفاقة. وقيل: تواصوا بالمرحمة فيما بينهم، فرحموا الناس كلهم.
(أولئك أصحاب الميمنة) يؤخذ بهم ناحية اليمين، ويأخذون كتبهم بأيمانهم، عن الجبائي. وقيل: هم أصحاب اليمن والبركة على أنفسهم، عن الحسن وأبي مسلم. (والذين كفروا بآياتنا) أي بحججنا ودلالاتنا، وكذبوا أنبياءنا (هم أصحاب المشئمة) أي يأخذون كتبهم بشمالهم، ويؤخذ بهم ذات الشمال.
وقيل: إنهم أصحاب الشؤم على أنفسهم (عليهم نار مؤصدة) أي مطبقة، عن ابن عباس ومجاهد. وقيل: يعني أن أبوابها عليهم مطبقة، فلا يفتح لهم باب، ولا يخرج عنها غم، ولا يدخل فيها روح آخر الأبد، عن مقاتل.
النظم: وجه اتصال قوله سبحانه (ألم نجعل له عينين) بما قبله أن المعنى كيف يحسب هذا الانسان أن الله سبحانه لا يراه، وهو الذي خلقه، وجعل له عينين وكذا وكذا. وقيل: إنه اتصل بقوله (لقد خلقنا الانسان في كبد) أي اختبرناه حيث كلفناه. ثم أزحنا علته بأن جعلنا له عينين. وقيل: إنه يتصل بقوله: (أيحسب أن لن يقدر عليه أحد) والمعنى: كيف يظن ذلك، وقد خلقناه، وخلقنا أعضاءه التي يبصر الدلائل بها، ويتكلم بها.