قال: فأهلكوا بالطاغية. والمراد كذبت بعذابها الطاغية، فأتاها ما كذبت به (إذ انبعث أشقاها) أي كان تكذيبها حين انبعث أشقى ثمود للعقر. ومعنى انبعث:
انتدب وقام، والأشقى: عاقر الناقة، وهو أشقى الأولين على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واسمه قدار بن سالف. قال الشاعر، وهو عدي بن زيد:
فمن يهدي أخا لذناب لو * فأرشوه فإن الله جار ولكن أهلكت لو كثيرا، * وقبل اليوم عالجها قدار يعني حين نزل بها العذاب فقال: لو فعلت. وقد صحت الرواية بالإسناد عن عثمان بن صهيب، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي بن أبي طالب عليه السلام:
من أشقى الأولين؟ قال: عاقر الناقة. قال: صدقت. فمن أشقى الآخرين؟ قال:
قلت لا أعلم يا رسول الله. قال: الذي يضربك على هذه - وأشار إلى يافوخه -.
وعن عمار بن ياسر قال: كنت أنا وعلي بن أبي طالب عليه السلام في غزوة العسرة نائمين في صور (1) من النخل، ودقعاء من التراب، فوالله ما أهبنا إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء، فقال: ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟
قلنا: بلى يا رسول الله. قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك بالسيف يا علي على هذه - ووضع يده على قرنه - حتى تبل منها هذه - وأخذ بلحيته - وقيل:
إن عاقر الناقة كان أشقر أزرق قصيرا ملتزق الحلق.
(فقال لهم رسول الله) صالح (ناقة الله) قال الفراء: حذرهم إياها، وكل تحذير فهو نصب والتقدير، احذروا ناقة الله، فلا تعقروها، عن الكلبي ومقاتل. كما يقال الأسد الأسد أي احذروه (وسقياها) أي وشربها من الماء، أو ما يسقيها أي:
فلا تزاحموها فيه، كما قال سبحانه: (لها شرب ولكم شرب يوم معلوم).
(فكذبوه) أي فكذب قوم صالح صالحا، ولم يلتفتوا إلى قوله وتحذيره إياهم بالعذاب بعقرها، (فعقروها) أي فقتلوا الناقة (فدمدم عليهم ربهم) أي فدمر عليهم ربهم، عن عطاء ومقاتل. وقيل: أطبق عليهم بالعذاب وأهلكهم (بذنبهم) لأنهم رضوا جميعا به، وحثوا عليه، وكانوا قد اقترحوا تلك الآية، فاستحقوا بما ارتكبوه من العصيان والطغيان عذاب الاستئصال.