أي يغشى الشمس حتى تغيب، فتظلم الآفاق، ويلبسها سواده. (والسماء وما بناها) أي: ومن بناها، عن مجاهد والكلبي. وقيل: والذي بناها، عن عطاء.
وقيل: معناه والسماء وبنائها مع إحكامها واتساقها وانتظامها. (والأرض وما طحاها) في ما وجهان كما ذكرناه أي وطحوها وتسطيحها، وبسطها، ليمكن الخلق التصرف عليها. (ونفس وما سواها) هو كما ذكرناه. وسواها: عدل خلقها، وسوى أعضاءها. وقيل سواها بالعقل الذي فضل به سائر الحيوان. ثم قالوا: يريد جميع ما خلق من الجن والإنس، عن عطاء. وقيل: يريد بالنفس آدم، ومن سواها الله تعالى، عن الحسن.
(فألهمها فجورها وتقواها) أي عرفها طريق الفجور والتقوى، وزهدها في الفجور، ورغبها في التقوى، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك. وقيل:
علمها الطاعة والمعصية لتفعل الطاعة، وتذر المعصية، وتجتني الخير، وتجتنب الشر (قد أفلح من زكاها) على هذا وقع القسم أي: قد أفلح من زكى نفسه، عن الحسن وقتادة. أي طهرها وأصلحها بطاعة الله، وصالح الأعمال.
(وقد خاب من دساها) بالعمل الطالح أي: أخملها وأخفى محلها. وقيل:
أضلها وأهلكها، عن ابن عباس. وقيل: أفجرها، عن قتادة. وقيل: معناه قد أفلحت نفس زكاها الله، وخابت نفس دساها الله أي: جعلها قليلة خسيسة. وجاءت الرواية عن سعيد بن أبي هلال قال: كان رسول الله إذا قرأ هذه الآية (قد أفلح من زكاها) وقف ثم قال: (اللهم آت نفسي تقواها، أنت وليها ومولاها، وزكها وأنت خير من زكاها). وروى زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليهما السلام في قوله (فألهمها فجورها وتقواها) قال: بين لها ما تأتي، وما تترك.
وفي قوله (قد أفلح من زكاها) قال: قد أفلح من أطاع (وقد خاب من دساها) قال: قد خاب من عصى. وقال ثعلب: قد أفلح من زكى نفسه بالصدقة والخير، وخاب من دس نفسه في أهل الخير، وليس منهم.
ثم أخبر سبحانه عن ثمود وقوم صالح فقال (كذبت ثمود بطغواها) أي:
بطغيانها ومعصيتها، عن مجاهد وابن زيد، يعني أن الطغيان حملهم على التكذيب.
فالطغوى اسم من الطغيان، كما أن الدعوى من الدعاء. وقيل: إن الطغوى اسم العذاب الذي نزل بهم. فالمعنى: كذبت ثمود بعذابها عن ابن عباس. وهذا كما