الانتظار، فإنهم اختلفوا في معناه على أقوال أحدها: إن المعنى منتظرة لثواب ربها، وروى ذلك عن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير والضحاك، وهو المروي عن علي عليه السلام. ومن اعترض على هذا بأن قال: إن النظر بمعنى الانتظار، لا يتعدى بإلى، فلا يقال: انتظرت إليه، وإنما يقال انتظرته. فالجواب عنه على وجوه: منها أنه قد جاء في الشعر بمعنى الانتظار، معدى بإلى، كما في البيت الذي سبق ذكره:
(ناظرات إلى الرحمن). وكقول جميل بن معمر:
وإذا نظرت إليك من ملك، * والبحر دونك، جدتني نعما (1) وقول الآخر:
إني إليك لما وعدت لناظر * نظر الفقير إلى الغني الموسر ونظائره كثيرة. ومنها أن تحمل إلى في قوله (إلى ربها ناظرة) علي أنها اسم، فهو واحد الآلاء التي هي النعم، فإن في واحدها أربع لغات: (إلى وإلى مثل معا وقفا، وألي وإلي، مثل جدي وحسي. وسقط التنوين بالإضافة. وقال أعشى وائل:
أبيض لا يرهب الهزال، ولا * يقطع رحما، ولا يخون إلى أي لا يخون نعمة من أنعم عليه. وليس لأحد أن يقول إن هذا من أقوال، المتأخرين، وقد سبقهم الاجماع، فإنا لا نسلم ذلك لما ذكرناه من أن عليا عليه السلام ومجاهدا والحسن وغيرهم قالوا: المراد بذلك تنتظر الثواب، ومنها: إن لفظ النظر يجوز أن يعدى بإلى في الانتظار على المعنى، كما أن الرؤية عديت بإلى في قوله تعالى. (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل) فأجرى الكلام على المعنى، ولا يقال رأيت إلى فلان. ومن إجراء الكلام على المعنى، قول الفرزدق:
ولقد عجبت إلى هوازن أصبحت * مني تلوذ ببطن أم جرير (2) فعدى عجبت بإلى، لأن المعنى نظرت وثانيها: إن معناه مؤملة لتجديد الكرامة