الكاسرة لفقار الظهر شدة. وقيل: الفاقرة الداهية والآبدة.
المعنى: ثم خاطب سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (لا تحرك به لسانك لتعجل به) قال ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا نزل عليه القرآن، عجل بتحريك لسانه، لحبه إياه، وحرصه على أخذه وضبطه، مخافة أن ينساه، فنهاه الله عن ذلك. وفي رواية سعيد بن جبير عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يعاني من التنزيل شدة، وكان يشتد عليه حفظه، فكان يحرك لسانه وشفتيه قبل فراغ جبريل من قراءة الوحي، فقال سبحانه:
(لا تحرك به) أي بالوحي، أو بالقرآن (لسانك) يعني بالقراءة (لتعجل به) أي لتأخذه كما قال: (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه) (إن علينا جمعه) في صدرك حتى تحفظه (وقرآنه) أي وتأليفه على ما نزل عليك، عن قتادة. وقيل: معناه إن علينا جمعه وقرآنه عليك حتى تحفظه، ويمكنك تلاوته، فلا تخف فوت شئ منه، عن ابن عباس، والضحاك.
(فإذا قرأناه) أي قرأه جبريل عليك بأمرنا (فاتبع قرآنه) أي قراءته، عن ابن عباس، والمعنى اقرأه إذا فرغ جبريل من قراءته. قال: فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد هذا، إذا نزل عليه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأ. وقيل: فاتبع قرآنه أي:
فاعمل بما فيه من الأحكام، والحلال والحرام، عن قتادة، والضحاك. وقال البلخي: الذي أختاره أنه لم يرد القرآن، وإنما أراد قراءة العباد لكتبهم يوم القيامة، يدل على ذلك ما قبله وما بعده، وليس فيه شئ يدل على أنه القرآن، ولا شئ من أحكام الدنيا. وفي ذلك تقريع للعبد، وتوبيخ له، حين لا تنفعه العجلة يقول: لا تحرك لسانك بما تقرأه من صحيفتك التي فيها أعمالك، يعني. إقرأ كتابك ولا تعجل، فإن هذا الذي هو على نفسه بصيرة إذا رأى سيئاته ضجر واستعجل، فيقال له توبيخا: لا تعجل، وتثبت لتعلم الحجة عليك، فإنا نجمعها لك، فإذا جمعناه فاتبع ما جمع عليك بالانقياد لحكمه، والاستسلام للتبعة فيه، فإنه لا يمكنك إنكاره.
(ثم إن علينا بيانه) لو أنكرت. وقال الحسن: معناه ثم إن علينا بيان ما أنبأناك أنا فاعلون في الآخرة وتحقيقه، وقيل يريد: إنا نبين لك معناه إذا حفظته، عن قتادة. وقيل: معناه ثم إن علينا أن نحفظه عليك حتى تبين للناس بتلاوتك إياه عليهم. وقيل: معناه علينا أن ننزله قرآنا عربيا فيه بيان للناس، عن الزجاج. وفي هذا دلالة على أنه لا تعمية في القرآن، ولا ألغاز، ولا دلالة فيه على جواز تأخير