قتادة. أي ينتهي الخلق يومئذ إلى حكمه وأمره، فلا حكم ولا أمر لأحد غيره.
وقيل: المستقر المكان الذي يستقر فيه المؤمن والكافر، وذلك إلى الله، لا إلى العباد. وقيل: المستقر المصير، والمرجع، عن ابن مسعود. والمستقر على وجهين. مستقر إلى أمد، ومستقر إلى الأبد (ينبأ الانسان يومئذ بما قدم وأخر) أي يخبر الانسان يوم القيامة بأول عمله وآخره، فيجازى به، عن مجاهد. وقيل: معناه بما قدم من العمل في حياته، وما سنه فعمل به بعد موته من خير أو شر. وقيل: بما قدم من المعاصي، وأخر من الطاعات، عن ابن عباس. وقيل: بما أخذ وترك، عن ابن زيد. وقيل: بما قدم من طاعة الله، وأخر من حق الله فضيعه، عن قتادة.
وقيل: بما قدم من ماله لنفسه، وما خلفه لورثته بعده، عن زيد بن أسلم. وحقيقة النبأ الخبر بما يعظم شأنه، وإنما حسن في هذا الموضع، لأن ما جرى مجرى المباح، لا يعتد به في هذا الباب، وإنما هو ما يستحق عليه الجزاء. فأما ما وجوده كعدمه فلا اعتبار به.
(بل الانسان على نفسه بصيرة) أي: إن جوارحه تشهد عليه بما عمل فهو شاهد على نفسه بشهادة جوارحه عليه، عن ابن عباس وعكرمة ومقاتل. وقال القتيبي: أقام جوارحه مقام نفسه، ولذلك أنث لأن المراد بالإنسان ههنا الجوارح.
وقال الأخفش. هي كقولك فلان حجة وعبرة ودليله قوله تعالى: (كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) وقيل: معناه أن الانسان بصير بنفسه وعمله. وروى العياشي بإسناده عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما يصنع أحدكم أن يظهر حسنا، ويسر سيئا؟ أليس إذا رجع إلى نفسه يعلم أنه ليس كذلك، والله سبحانه يقول (بل الانسان على نفسه بصيرة إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه تلا هذه الآية، ثم قال: ما يصنع الانسان أن يعتذر إلى الناس خلاف ما يعلم الله، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: من أسر سريرة رداه الله رداءها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. وعن زرارة قال: سألت أبا عبد الله ما حد المرض الذي يفطر صاحبه؟ قال: بل الانسان على نفسه بصيرة، هو أعلم بما يطيق. وفي رواية أخرى هو أعلم بنفسه ذاك إليه.
(ولو ألقى معاذيره) أي ولو اعتذر وجادل عن نفسه، لم ينفعه ذلك. يقال:
معذرة ومعاذر ومعاذير، وهي ذكر موانع تقطع عن الفعل المطلوب. وقيل: معناه ولو