فلما كان اليوم الثاني، أخذت صاعا فطحنته وخبزته، وقدمته إلى علي عليه السلام فإذا يتيم في الباب يستطعم، فأعطوه، ولم يذوقوا إلا الماء، فلما كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي، فطحنته واختبزته، وقدمته إلى علي عليه السلام، فإذا أسير بالباب يستطعم، فأعطوه ولم يذوقوا إلا الماء، فلما كان اليوم الرابع، وقد قضوا نذورهم، أتى علي عليه السلام، ومعه الحسن والحسين عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبهما ضعف، فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونزل جبرائيل بسورة (هل أتى). وفي رواية عطاء عن أبن عباس أن علي بن أبي طالب عليه السلام أجر نفسه ليستقي نخلا بشئ من شعير ليلة، حتى أصبح. فلما أصبح وقبض الشعير، طحن ثلثه، فجعلوا منه شيئا ليأكلوه، يقال له الحريرة (1). فلما تم إنضاجه، أتى مسكين، فأخرجوا إليه الطعام. ثم عمل الثلث الثاني. فلما تم إنضاجه أتى يتيم، فسأل فأطعموه. ثم عمل الثلث الثالث، فلما تم إنضاجه، أتى أسير من المشركين، فسأل فأطعموه، وطووا يومهم ذلك.
ذكره الواحدي في تفسيره.
وذكر علي بن إبراهيم أن أباه حدثه عن عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان عند فاطمة شعير، فجعلوه عصيدة، فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم، جاء مسكين فقال المسكين: رحمكم الله فقام علي فأعطاه ثلثها. فلم يلبث أن جاء يتيم، فقال اليتيم: رحمكم الله. فقام علي عليه السلام فأعطاه الثلث. ثم جاء أسير فقال الأسير: رحمكم الله. فأعطاه علي عليه السلام الثلث الباقي، وما ذاقوها.
فأنزل الله سبحانه الآيات فيهم، وهي جارية في كل مؤمن فعل ذلك لله عز وجل، وفي هذا دلالة على أن السورة مدنية.
وقال أبو حمزة الثمالي في تفسيره: حدثني الحسن بن الحسن أبو عبد الله بن الحسن أنها مدنية نزلت في علي وفاطمة السورة كلها. حدثنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني القايني قال: أخبرنا الحاكم أبو القسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني قال: حدثنا أبو نصر المفسر قال: حدثني عمي أبو حامد إملاء قال: