وقيل: إن المراد بذلك أبو جهل بن هشام.
(أولى لك فأولى) وهذا تهديد من الله له، والمعنى وليك المكروه يا أبا جهل، وقرب منك. وجاءت الرواية أن رسول الله أخذ بيد أبي جهل، ثم قال له أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى. فقال أبو جهل: بأي شئ تهددني، لا تستطيع أنت، ولا ربك، أن تفعلا بي شيئا، وإني لأعز أهل هذا الوادي! فأنزل الله سبحانه كما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: معناه الذم أولى لك من تركه، إلا أنه حذف، وكثر في الكلام حتى صار بمنزلة الويل لك، وصار من المحذوف الذي لا يجوز إظهاره. وقيل: هو وعيد على وعيد، عن قتادة، ومعناه وليك الشر في الدنيا وليك، ثم وليك الشر في الآخرة وليك. والتكرار للتأكيد. وقيل: بعدا لك من خيرات الدنيا،. بعدا لك من خيرات الآخرة، عن الجبائي. وقيل: أولى لك ما تشاهده يا أبا جهل يوم بدر، فأولى لك في القبر. (ثم أولى لك) يوم القيامة، فلذلك أدخل ثم (فأولى) لك في النار.
(أيحسب الانسان) يعني أبا جهل (أن يترك سدى) مهملا لا يؤمر ولا ينهى، عن ابن عباس، ومجاهد. والألف للاستفهام، والمراد الانكار أي لا ينبغي أن يظن ذلك. وقيل: إنه عام أي أيظن الانسان الكافر بالبعث، الجاحد لنعم الله، أن يترك مهملا من غير أمر يؤخذ به، فيكون فيه تقويم له، وإصلاح لما هو أعود عليه في عاقبة أمره، وأجمل به في دنياه وآخرته (ألم يك نطفة من مني يمنى) أي كيف يظن أن يهمل، وهو يرى في نفسه، ومن تنقل الأحوال ما يمكنه أن يستدل به على أن له صانعا حكيما، أكمل عقله، وأقدره، وخلق فيه الشهوة، فيعلم أنه لا يجوز أن يخليه من التكليف. ومعنى قوله (يمنى) أي يقدر. وقيل: معناه يصب في الرحم (ثم كان علقة فخلق) منها خلقا في الرحم (فسوى) خلقه وصورته وأعضاءه الباطنة والظاهرة في بطن أمه. وقيل: فسواه إنسانا بعد الولادة، وأكمل قوته. وقيل: معناه فخلق الأجسام فسواها للأفعال، وجعل لكل جارحة عملا يختص بها.
(فجعل منه) أي من الانسان (الزوجين الذكر والأنثى) وقيل من المني.
وهذا إخبار من الله سبحانه أنه لم يخلق الانسان من المني، ولم ينقله من حال إلى حال، ليتركه مهملا، فإنه لا بد من غرض في ذلك، وهو التعريض للثواب بالتكليف. (أليس ذلك) الذي فعل هذا (بقادر على أن يحيي الموتى) هذا تقرير