عليه، كما قال: (ما ترك على ظهرها من دابة) يعني على ظهر الأرض (التراقي) أي العظام المكتنفة بالحلق، وكنى بذلك عن الإشفاء على الموت (وقيل من راق) أي وقال من حضره من أهله: هل من راق أي: طبيب شاف يرقيه، ويداويه فلا يجدونه، عن أبي قلابة والضحاك وقتادة وابن زيد. قال قتادة: التمسوا له الأطباء، فلم يغنوا عنه من عذاب الله شيئا. وقيل: إن معناه قالت الملائكة من يرقى بروحه أملائكة الرحمة، أم ملائكة العذاب، عن ابن عباس، ومقاتل. قال أبو العالية:
تختصم فيه ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، أيهم يرقى بروحه. وقال الضحاك:
أهل الدنيا يجهزون البدن وأهل الآخرة يجهزون الروح.
(وظن أنه الفراق) أي وعلم عند ذلك هذا الذي بلغت روحه تراقيها، أنه الفراق من الدنيا والأهل والمال والولد، والفراق ضد الوصال، وهو بعاد الألاف.
وجاء في الحديث: إن العبد ليعالج كرب الموت وسكراته، ومفاصله يسلم بعضها على بعض، يقول: عليك السلام تفارقني وأفارقك إلى يوم القيامة. (والتفت الساق بالساق) قيل فيه وجوه أحدها: التفت شدة أمر الآخرة بأمر الدنيا، عن ابن عباس، ومجاهد. والثاني: التفت حال الموت بحال الحياة، عن الحسن والثالث: التفت ساقاه عند الموت، عن الشعبي، وأبي مالك، لأنه يذهب القوة، فيصير كجلد يلتف بعضه ببعض. وقيل: هو أن يضطرب فلا يزال يمد إحدى رجليه، ويرسل الأخرى، ويلف إحداهما بالأخرى، عن قتادة. وقيل: هو التفاف الساقين في الكفن.
والرابع: التف ساق الدنيا بساق الآخرة، وهو شدة كرب الموت، بشدة هول المطلع. والمعنى في الجميع أنه تتابعت عليه الشدائد، فلا يخرج من شدة إلا جاءه أشد منها.
(إلى ربك يومئذ المساق) أي مساق الخلائق إلى المحشر، الذي لا يملك فيه الأمر والنهي غير الله تعالى. وقيل: يسوق الملك بروحه إلى حيث أمر الله تعالى به، إن كان من أهل الجنة فإلى عليين، وإن كان من أهل النار فإلى سجين، والمساق موضع السوق (فلا صدق ولا صلى) أي لم يتصدق بشئ، ولم يصل لله (ولكن كذب) بالله (وتولى) عن طاعته، عن الحسن. وقيل: معناه لم يصدق بكتاب الله، ولا صلى لله، ولكن كذب بالكتاب والرسول، وأعرض عن الإيمان، عن قتادة (ثم ذهب إلى أهله يتمطى) أي: يرجع إليهم يتبختر ويختال في مشيته.