وليس في الآية حرف جر. قال أبو الحسن: قرأ الأعمش (لنثوينهم من الجنة غرفا) ولا يعجبني، لأنك لا تقول أثويته الدار. قال أبو علي: ووجهه أنه كان في الأصل لنثوينهم من الجنة في غرف، كما يقول: لننزلنهم من الجنة في غرف. وحذف الجار كما حذف من قولك. (أمرتك الخير فافعل ما أمرت به) ويقوي ذلك أن الغرف، وإن كانت أماكن مختصة، فقد أجريت المختصة من هذه الحروف مجرى غير المختص، نحو قوله: (كما عسل الطريق الثعلب)، ونحو: ذهبت الشام عند سيبويه.
الاعراب: (خالدين): نصب على الحال من الهاء والميم. (الذين صبروا): في موضع جر صفة للعالمين، ويكون المخصوص بالمدح محذوفا أي:
نعم أجر العاملين الصابرين المتوكلين أجرهم. ويجوز أن يكون المضاف محذوفا أي: نعم أجر العاملين أجر الذين صبروا. فحذف المخصوص بالمدح، وأقام المضاف إليه مقامه. (وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله): موضع كأين مرفوع.
ومن دابة في موضع التبيين له. وقوله (لا تحمل رزقها) صفة للمجرور ويكون قوله الله مبتدأ، ويرزقها خبره، والجملة خبر كأين.
النزول: قيل: نزلت الآية الأولى في المستضعفين من المؤمنين بمكة، أمروا بالهجرة عنها، عن مقاتل، والكلبي. ونزل قوله (وكأين من دابة لا تحمل رزقها) في جماعة كانوا بمكة يؤذيهم المشركون، فأمروا بالهجرة إلى المدينة، فقالوا: كيف نخرج إليها وليس لنا بها دار، ولا عقار، ومن يطعمنا، ومن يسقينا؟
المعنى: ثم بين سبحانه أنه لا عذر لعباده في ترك طاعته فقال: (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة) يبعد أقطارها فاهربوا من أرض يمنعكم أهلها من الإيمان والإخلاص في عبادتي. وقال أبو عبد الله عليه السلام: معناه إذا عصي الله في أرض أنت فيها، فاخرج منها إلى غيرها. وقيل: معناه إن أرض الجنة واسعة، عن الجبائي، وأكثر المفسرين على القول الأول. (فإياي فاعبدون) أي: اعبدوني خالصا، ولا تطيعوا أحدا من خلقي في معصيتي. وإياي: منصوب بفعل مضمر يفسره ما بعده، وقد مر بيانه. وقيل: إن دخول الفاء للجزاء، والتقدير: إن ضاق