(عليه) يعود إلى الله تعالى، والتقدير: ما أنتم على الله، وعلى دينه، بمضلين أحدا، إلا من هو صالي الجحيم باختياره. وهذا كما يقال: لا يهلك على الله هالك، وفلان يربح على فلان، ويخسر على فلان.
(وما منا إلا له مقام معلوم) هذا قول جبرائيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: إنه قول الملائكة، وفيه مضمر أي: وما منا معشر الملائكة ملك، إلا له مقام معلوم في السماوات، يعبد الله فيه. وقيل: معناه أنه لا يتجاوز ما أمر به، ورتب له، كما لا يتجاوز صاحب المقام مقامه الذي حد له، فكيف يجوز أن يعبد من بهذه الصفة، وهو عبد مربوب.
(وإنا لنحن الصافون) حول العرش، ننتظر الأمر والنهي من الله تعالى.
وقيل: القائمون صفوفا في الصلاة. قال الكلبي: صفوف الملائكة في السماء، كصفوف أهل الدنيا في الأرض. وقالى الجبائي: صافون بأجنحتنا في الهواء للعبادة والتسبيح. (وإنا لنحن المسبحون) أي: المصلون والمنزهون الرب عما لا يليق به، ومنه قوله. (فرغت من سبحتي) أي: من صلاتي، وذلك لما في الصلاة من تسبيح الله تعالى وتعظيمه. والمسبحون: القائلون سبحان الله على وجه التعظيم لله.
(وإن كانوا ليقولون) (إن) هذه هي المخففة من الثقيلة، ألا ترى أن اللام قد لزم خبرها، والمعنى وإن هؤلاء الكفار يعني أهل مكة كانوا يقولون (لو أن عندنا ذكرا) أي: كتابا (من الأولين) أي: من كتب الأولين التي أنزلها على أنبيائه.
وقيل: ذكرا أي: علما من الأولين الذين تقدمونا، وما فعل الله بهم. فسمي العلم ذكرا لان الذكر من أسباب العلم.
(لكنا عباد الله المخلصين) الذين يخلصون العبادة لله تعالى. فجعلوا العذر في امتناعهم من الإيمان أنهم لا يعرفون أخبار من تقدمهم، وهل حصلوا في جنة أو نار (فكفروا به) في الكلام حذف تقديره: فلما أتاهم الكتاب، وهو القرآن، كفروا به (فسوف يعلمون) عاقبة كفرهم، وهذا تهديد لهم.
(ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين (171) إنهم لهم المنصورون (172) وإن جندنا لهم الغالبون (173) فتول عنهم حتى حين (174) وأبصرهم فسوف يبصرون (175) أفبعذابنا