المعنى: (يس) قد مضى الكلام في الحروف المعجمة عند مفتتح السور في أول البقرة، واختلاف الأقوال فيها. وقيل أيضا: يس معناه يا انسان، عن ابن عباس، وأكثر المفسرين. وقيل: معناه يا رجل، عن الحسن، وأبي العالية.
وقيل: معناه يا محمد، عن سعيد بن جبير، ومحمد بن الحنفية. وقيل: معناه يا سيد الأولين والآخرين. وقيل: هو اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عن علي بن أبي طالب، وأبي جعفر عليه السلام. وقد ذكرنا الرواية فيه قبل. (والقرآن الحكيم) أقسم سبحانه بالقرآن المحكم من الباطل. وقيل: سماه حكيما لما فيه من الحكمة، فكأنه المظهر للحكمة، الناطق بها. (إنك لمن المرسلين) أي: ممن أرسله الله تعالى بالنبوة، والرسالة (على صراط مستقيم) يؤدي بسالكه إلى الحق أو إلى الجنة. وقيل: معناه على شريعة واضحة، وحجة لائحة.
(تنزيل العزيز) أي. هذا القرآن تنزيل العزيز في ملكه (الرحيم) بخلقه، ولذلك أرسله، ثم بين سبحانه الغرض في بعثته فقال: (لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم) أي: لتخوف به من معاصي الله قوما لم ينذر آباؤهم قبلهم، لأنهم كانوا في زمان الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام، عن قتادة. وقيل: لم يأتهم نذير من أنفسهم وقومهم، وإن جاءهم من غيرهم، عن الحسن. وقيل: معناه لم يأتهم من أنذرهم بالكتاب حسب ما آتيت. وهذا على قول من قال: كان في العرب قبل نبينا صلى الله عليه وآله وسلم من هو نبي كخالد بن سنان، وقس بن ساعدة، وغيرهما. وقيل: معناه لتنذر قوما كما أنذر آباؤهم، عن عكرمة.
(فهم غافلون) عما تضمنه القرآن، وعما أنذر الله به من نزول العذاب.
والغفلة مثل السهو، وهو ذهاب المعنى عن النفس. ثم أقسم سبحانه مرة أخرى، فقال: (لقد حق القول على أكثرهم) أي: وجب الوعيد، واستحقاق العقاب عليهم (فهم لا يؤمنون) ويموتون على كفرهم، وقد سبق ذلك في علم الله تعالى. وقيل:
تقديره لقد سبق القول على أكثرهم أنهم لا يؤمنون، فهم لا يؤمنون، وذلك أنه سبحانه أخبر ملائكته أنهم لا يؤمنون، فحق قوله عليهم.
(إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان) يعني أيديهم، كنى عنها، وإن لم يذكرها، لأن الأعناق والأغلال تدلان عليها، وذلك أن الغل إنما يجمع اليد إلى الذقن والعنق، ولا يجمع الغل العنق إلى الذقن. وروي عن ابن عباس، وابن