الإبل إذا وردت الماء ترفع رؤوسها لشدة برده. ويقال: قمح البعير: إذا رفع رأسه، ولم يشرب الماء. وبعير قامح، وإبل قماح، وأقمحتها أنا. قال الشاعر يصف سفينة ركبها:
ونحن على جوانبها قعود نغض الطرف كالإبل القماح الاعراب: (على) في قوله (على صراط): يتعلق بالمرسلين، تقديره:
أرسلوا على صراط. ويجوز أن يكون الجار والمجرور في موضع خبر إن، فيكون خبرا بعد خبر. ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال، فكأنه قال: أرسلوا مستقيما طريقهم. (ما أنذر آباؤهم). الأجود أن يكون (ما) نافية، وتكون الجملة في موضع نصب، لأنها صفة قوم. ويجوز أن يكون (ما) حرفا موصولا مصدريا على تقدير لتنذر قوما أنذر آباؤهم.
النزول: قيل: نزل قوله (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا): في أبي جهل، كان حلف لئن رأى محمدا يصلي، ليرضخن رأسه. فأتاه وهو يصلي، ومعه حجر ليدمغه. فلما رفعه انثنت يده إلى عنقه، ولزق الحجر بيده. فلما عاد إلى أصحابه وأخبرهم بما رأى، سقط الحجر من يده. فقال رجل من بني مخزوم: أنا أقتله بهذا الحجر. فأتاه وهو يصلي ليرميه بالحجر، فأغشى الله بصره، فجعل يسمع صوته ولا يراه، فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه: ما صنعت؟ فقال: ما رأيته، ولقد سمعت صوته، وحال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه لو دنوت منه لأكلني. وروى أبو حمزة الثمالي عن عمار بن عاصم، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود:
أن قريشا اجتمعوا بباب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج إليهم، فطرح التراب على رؤوسهم، وهم لا يبصرونه. قال عبد الله: هم الذين سحبوا (1) في القليب قليب بدر.
وروى أبو حمزة عن مجاهد، عن ابن عباس: أن قريشا اجتمعت فقال: لئن دخل محمد لنقومن إليه قيام رجل واحد! فدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فجعل الله من بين أيديهم سدا، ومن خلفهم سدا، فلم يبصروه. فصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أتاهم، فجعل ينثر على رؤوسهم التراب، وهم لا يرونه. فلما خلى عنهم، رأوا التراب، وقالوا: هذا ما سحركم ابن أبي كبشة.