يقولون: (ربنا أخرجنا) من عذاب النار (نعمل صالحا) أي: نؤمن بدل الكفر، ونطع بدل المعصية. والمعنى: ردنا إلى الدنيا لنعمل بالطاعات التي تأمرنا بها (غير الذي كنا نعمل) من المعاصي.
فوبخهم الله تعالى، فقال: (أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر) أي: ألم نعطكم من العمر مقدار ما يمكن أن يتفكر ويعتبر، وينظر في أمور دينه، وعواقب حاله، من يريد أن يتفكر ويتذكر. واختلف في هذا المقدار فقيل: هو ستون سنة، وهو المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة، وهو إحدى الروايتين، عن ابن عباس. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا مرفوعا أنه قال: " من عمر الله ستين سنة فقد أعذر إليه ". وقيل: هو أربعون سنة، عن ابن عباس، ومسروق. وقيل: هو توبيخ لابن ثماني عشرة سنة، عن وهب، وقتادة.
وروي ذلك عن الصادق عليه السلام.
(وجاءكم النذير) أي: المخوف من عذاب الله، وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم، عن ابن زيد، والجبائي، وجماعة. وقيل: النذير القرآن، عن زيد بن علي. وقيل:
النذير الشيب، عن عكرمة، وسفيان بن عيينة، ومنه قيل:
رأيت الشيب من نذر المنايا لصاحبه، وحسبك من نذير وقائلة تبيض والغواني نوافر عن معاينة القتير (1) فقلت لها: المشيب نذير عمري، ولست مسودا وجه النذير وقال عدي بن زيد:
وابيضاض السواد من نذر الموت، وهل بعده يجئ نذير وقيل: النذير موت الأهل والأقارب. وقيل كمال العقل (فذوقوا) أي: فذوقوا العذاب وحسرة الندم. (فما للظالمين من نصير) يدفع عنهم العذاب (إن الله عالم غيب السماوات والأرض) فلا يخفى عليه شئ مما يغيب عن الخلائق علمه (إنه عليم بذات الصدور) أي: فلا تضمروا في أنفسكم ما يكرهه سبحانه، فإنه عالم به. (هو الذي جعلكم خلائف في الأرض) أي: جعلكم معاشر الكفار أمة بعد