قال جرير:
دعون الهوى، ثم ارتمين قلوبنا * بأسهم أعداء، وهن صديق وقال الحسن، وقتادة: يجوز دخول الرجل بيت صديقه، والتحرم بطعامه من غير استئذان منه في الأكل. وقال أبو عبد الله عليه السلام: لهو والله الرجل يأتي بيت صديقه، فيأكل طعامه بغير إذنه. وروي أن صديقا للربيع بن خيثم، دخل منزله، وأكل من طعامه. فلما عاد الربيع إلى المنزل أخبرته جاريته بذلك، فقال: إن كنت صادقة فأنت حرة. (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا) أي: مجتمعين، أو متفرقين. وذكر في تأويله وجوه أحدها: إن حيا من كنانة كان الرجل منهم لا يأكل وحده، فإن لم يجد من يؤاكله لم يأكل شيئا. وربما كانت معه الإبل الحفل (1) فلا يشرب من ألبانها حتى يجد من يشاربه. فأعلم الله سبحانه أن الرجل منهم إن أكل وحده فلا إثم عليه، عن قتادة، والضحاك، وابن جريج. وثانيها: إن معناه لا بأس بأن يأكل الغني مع الفقير في بيته، فإن الغني كان يدخل على الفقير من ذوي قرابته، أو صداقته، فيدعوه إلى طعامه، فيتحرج، عن ابن عباس. وثالثها: إنهم كانوا إذا نزل بهم ضيف، تحرجوا أن يأكلوا إلا معه، فأباح الله سبحانه الأكل على الانفراد، وعلى الاجتماع، عن أبي صالح. والأقوال متقاربة، والأولى الحمل على العموم.
(فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) أي: ليسلم بعضكم على بعض، عن الحسن، فيكون كقوله: (ان اقتلوا أنفسكم). وقيل: معناه فسلموا على أهليكم وعيالكم، عن جابر وقتادة والزهري والضحاك. وقيل: معناه فإذا دخلتم بيوتا يعني المساجد، فسلموا على من فيها، عن ابن عباس. والأولى حمله على العموم. وقال إبراهيم: إذا دخلت بيتا ليس فيه أحد، فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وقال أبو عبد الله عليه السلام: هو تسليم الرجل على أهل البيت، حين يدخل، ثم يردون عليه، فهو سلامكم على أنفسكم.
(تحية من عند الله) أي: هذه تحية حياكم الله بها، عن ابن عباس. وقيل:
معناه علمها الله، وشرعها لكم، فإنهم كانوا يقولون: عم صباحا. ثم وصف التحية فقال: (مباركة طيبة) أي: إذا ألزمتموها كثر خيركم وطاب أجركم. وقيل: مؤبدة حسنة جميلة، عن ابن عباس. وقيل: إنما قال: مباركة، لأن معنى السلام عليكم .