اللغة: الوسع: الحال التي يتسع بها السبيل إلى الفعل. والوسع: دون الطاقة. والتكليف: تحميل ما فيه المشقة بالأمر والنهي. والإعلام مأخوذ من الكلفة في الفعل. والله سبحانه يكلف عباده تعريضا إياهم للنفع الذي لا يحسن الابتداء بمثله، وهو الثواب. وأصل الغمرة: الستر والتغطية، يقال: غمرت الشئ إذا سترته. وغمرات الموت: شدائده. وكل شدة غمرة. قال: الغمرات، ثم ينجلينا، ثم يذهبن، فلا يجينا. والجؤار: الاستغاثة ورفع الصوت بها. والنكوص: رجوع القهقري، وهو المشي على الأعقاب إلى خلف وهو أقبح مشية مثل بها أقبح حال وهي الإعراض عن الداعي إلى الحق.
الاعراب: (وسعها): مفعول ثان لنكلف (بالحق) إن جعلت الحق مصدرا، فالباء مزيدة، والتقدير: ينطق الحق. وإن جعلته صفة محذوفا، فالتقدير: ينطق بالحكم الحق. ومفعول (ينطق) محذوف (هم لها عاملون): جملة في موضع رفع، لأنها صفة لأعمال. (مستكبرين): منصوب على الحال من قوله (تنكصون). وذو الحال الواو، و (تنكصون)، خبر كان. و (سامرا). اسم للجمع منصوب لأنه حال.
المعنى: ثم بين سبحانه أنه لا يكلف أحدا إلا دون الطاقة، بعد أن أخبر عن حال الكافرين والمؤمنين فقال: (ولا نكلف نفسا) أي: نكلفها أمرا، ولا نأمرها (إلا وسعها) أي: دون طاقتها. (ولدينا كتاب ينطق بالحق) معناه: وعند ملائكتنا المقربين كتاب ينطق بالحق أي: يشهد لكم وعليكم بالحق، كتبته الملائكة بأمرنا.
يريد صحائف الأعمال. (وهم لا يظلمون) أي: يوفون جزاء أعمالهم، فلا ينقص من ثوابهم، ولا يزاد في عقابهم، ولا يؤاخذون بذنب غيرهم (بل قلوبهم في غمرة من هذا) بل رد لما سبق، وابتداء الكلام، والمعنى: إن قلوب الكفار في غفلة شديدة من هذا الكتاب المشتمل على الوعد والوعيد، وهو القرآن. وقيل: في جهل وحيرة، عن الحسن، والجبائي. (ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون) أي: ولهم أعمال ردية سوى هذا الجهل، يعملون تلك الأعمال، فيستحقون بها وبالكفر، العقوبة من الله تعالى. وقيل: ولهم أعمال أي: خطايا من دون الحق، عن قتادة، وأبي العالية، ومجاهد. وقيل: ولهم أعمال من دون الأجل الذي أجلت لهم في موتهم، لا بد أن يعملوها، عن الحسن، ومجاهد في رواية أخرى، وابن