وأنزل عليه: يا محمد (وقالوا لولا انزل عليه ملك. ولو أنزلنا ملكا لقضي الامر - إلى قوله - وللبسنا عليهم ما يلبسون) (١).
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبد الله أما ما ذكرت من أني آكل الطعام كما تأكلون، وزعمت أنه لا يجوز لأجل هذه أن أكون لله رسولا، فإنما الامر لله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وهو محمود، ليس لك ولا لاحد الاعتراض عليه بلم وكيف.
ألا ترى أن الله تعالى كيف أفقر بعضا وأغنى بعضا، وأعز بعضا، وأذل بعضا وأصح بعضا وأسقم بعضا، وشرف بعضا ووضع بعضا، وكلهم ممن يأكل الطعام.
ثم ليس للفقراء أن يقولوا: لم أفقرتنا وأغنيتهم؟ ولا للوضعاء أن يقولوا: لم وضعتنا وشرفتهم؟ ولا للزمني (٢) والضعفاء أن يقولوا: لم أزمنتنا وأضعفتنا وصححتهم؟
ولا للاذلاء أن يقولوا: لم أذللتنا وأعززتهم؟ ولا لقبائح الصور أن يقولوا: لم قبحتنا وجملتهم؟ بل إن قالوا ذلك كانوا على ربهم رادين، وله في أحكامه منازعين، وبه كافرين، ولكان جوابه لهم:
[إني] أنا الملك، الخافض الرافع، المغني المفقر، المعز المذل، المصحح المسقم وأنتم العبيد ليس لكم إلا التسليم لي، والانقياد لحكمي، فان سلمتم كنتم عبادا مؤمنين، وإن أبيتم كنتم بي كافرين، وبعقوباتي من الهالكين.
ثم أنزل الله تعالى عليه: يا محمد (قل إنما أنا بشر مثلكم) يعني آكل الطعام ﴿يوحى إلي أنما الهكم إله واحد﴾ (3) يعني قل لهم: أنا في البشرية مثلكم، ولكن ربي خصني بالنبوة دونكم، كما يخص بعض البشر بالغناء والصحة والجمال دون بعض من البشر، فلا تنكروا أن يخصني أيضا بالنبوة.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وأما قولك: " [إن] هذا ملك الروم، وملك الفرس