وما وصف به الأحجار ههنا نحو ما وصف (1) في قوله تعالى: (لو أنزلنا هذا القران على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله). (2) وهذا التقريع من الله تعالى لليهود والنواصب، واليهود جمعوا الامرين واقترفوا الخطيئتين (3) فغلظ على اليهود ما وبخهم به رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال جماعة من رؤسائهم، وذوي الألسن والبيان منهم: يا محمد إنك تهجونا وتدعي على قلوبنا ما الله يعلم منها خلافه، إن فيها خيرا كثيرا: نصوم ونتصدق ونواسي الفقراء.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما الخير ما أريد به وجه الله تعالى، وعمل على ما أمر الله تعالى [به].
فأما ما أريد به الرياء والسمعة أو معاندة رسول الله، وإظهار الغنى (4) له والتمالك والتشرف عليه فليس بخير، بل هو الشر الخالص، ووبال على صاحبه، يعذبه الله به أشد العذاب.
فقالوا له: يا محمد أنت تقول هذا، ونحن نقول: بل ما ننفقه إلا لابطال أمرك ودفع رياستك (5) ولتفريق أصحابك عنك وهو الجهاد الأعظم، نؤمل به من الله الثواب الأجل الاجسم، وأقل أحوالنا أنا تساوينا في الدعاوى، فأي فضل لك علينا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا إخوة اليهود إن الدعاوي يتساوى فيها المحقون والمبطلون ولكن حجج الله ودلائله تفرق بينهم، فتكشف عن تمويه المبطلين، وتبين عن حقائق المحقين، ورسول الله محمد لا يغتنم جهلكم ولا يكلفكم التسليم له بغير حجة ولكن يقيم عليكم حجة الله تعالى التي لا يمكنكم دفاعها، ولا تطيقون الامتناع من