ولو سألني بعد ما افتضح، وتاب إلى، وتوسل بمثل وسيلة هذا الفتى أن انسى الناس فعله - بعدما ألطف لأوليائه فيعفونه عن القصاص - لفعلت، فكان لا يعيره بفعله أحد ولا يذكره فيهم ذاكر، ولكن ذلك فضل (1) أوتيه من أشاء، وأنا ذو الفضل العظيم وأعدل بالمنع على من أشاء، وأنا العزيز الحكيم.
فلما ذبحوها قال الله تعالى: (فذبحوها وما كادوا يفعلون) فأرادوا أن لا يفعلوا ذلك من عظم ثمن البقرة، ولكن اللجاج (2) حملهم على ذلك، واتهامهم لموسى عليه السلام حدأهم (3) عليه.
[قال:] فضجوا إلى موسى عليه السلام وقالوا: فتقرت القبيلة ودفعت إلى التكفف وانسلخنا بلجاجنا عن قليلنا وكثيرنا (4) فادع الله لنا بسعة الرزق.
فقال موسى عليه السلام: ويحكم ما أعمى قلوبكم؟ أما سمعتم دعاء الفتى صاحب البقرة وما أورثه الله تعالى من الغنى؟ أو ما سمعتم دعاء [الفتى] المقتول المنشور، وما أثمر له من العمر الطويل والسعادة والتنعم والتمتع بحواسه وسائر بدنه وعقله؟ لم لا تدعون الله تعالى بمثل دعائهما، وتتوسلون إلى الله بمثل توسلهما (5) ليسد فاقتكم، ويجبر كسركم، ويسد خلتكم؟
فقالوا: اللهم إليك التجأنا، وعلى فضلك اعتمدنا، فأزل فقرنا وسد خلتنا بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم.
فأوحى الله إليه: يا موسى قل لهم: ليذهب رؤساؤهم إلى خربة بني فلان، ويكشفوا في موضع كذا - لموضع عينه - وجه أرضها قليلا، ثم يستخرجوا ما هناك، فإنه عشرة آلاف ألف دينار، ليردوا على كل من دفع في ثمن هذه البقرة ما دفع، لتعود