تتأخر لحظة، ولا قليلا ولا كثيرا.
فلم يخف ذلك على أحد منهم، ولم يجبه إلا علي بن أبي طالب وحده، وقال:
نعم، بسم الله. فقال الباقون: نحن نحتاج إلى مركوب وآلات ونفقات، فلا يمكننا الخروج إلى هناك وهو مسيرة أيام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لسائر اليهود: فأنتم ماذا تقولون؟ قالوا: نحن نريد أن نستقر في بيوتنا، ولا حاجة لنا في مشاهدة ما أنت في ادعائه محيل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا نصب عليكم في المسير إلى هناك، اخطوا خطوة واحدة فان الله يطوى الأرض لكم ويوصلكم في الخطوة الثانية إلى هناك.
فقال المؤمنون: صدق رسول الله صلى الله عليه وآله، فلنتشرف بهذه الآية.
وقال الكافرون والمنافقون: سوف نمتحن هذا الكذب لينقطع عذر محمد، وتصير دعواه حجة عليه، وفاضحة له في كذبه.
قال: فخطى القوم خطوة، ثم الثانية، فإذا هم عند بئر بدر فعجبوا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: اجعلوا البئر العلامة، واذرعوا من عندها كذا ذرعا.
فذرعوا، فلما انتهوا إلى آخرها قال: هذا مصرع أبي جهل، يجرحه فلان الأنصاري ويجهز عليه عبد الله بن مسعود أضعف أصحابي.
ثم قال: اذرعوا من البئر من جانب آخر [ثم جانب آخر، ثم جانب آخر] كذا وكذا ذراعا وذراعا، وذكر أعداد الأذرع مختلفة.
فلما انتهى كل عدد إلى آخره قال رسول الله صلى الله عليه وآله (1): هذا مصرع عتبة، وذلك مصرع شيبة، وذاك مصرع الوليد، وسيقتل فلان وفلان - إلى أن (سمى تمام) (2) سبعين منهم بأسمائهم - وسيؤسر فلان وفلان إلى أن ذكر سبعين منهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وصفاتهم، ونسب المنسوبين إلى الآباء منهم، ونسب الموالي منهم