فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى إني لا اخلف وعدي، ولكن ليقدموا للفتى ثمن بقرته ملء مسكها دنانير ثم أحيي هذا.
فجمعوا أموالهم، فوسع الله جلد الثور حتى وزن ما ملئ به جلده فبلغ خمسة آلاف ألف دينار.
فقال بعض بني إسرائيل لموسى عليه السلام - وذلك بحضرة (1) المقتول المنشور المضروب ببعض البقرة -: لا ندري أيهما أعجب: إحياء الله هذا وإنطاقه بما نطق (2) أو اغناؤه لهذا الفتى بهذا المال العظيم!
فأوحى الله إليه: يا موسى قل لبني إسرائيل: من أحب منكم أن أطيب في الدنيا (3) عيشه، وأعظم في جناني محله، وأجعل لمحمد وآله الطيبين فيها منادمته، فليفعل كما فعل هذا الفتى، إنه كان قد سمع من موسى بن عمران عليه السلام ذكر محمد صلى الله عليه وآله وعلي وآلهما الطيبين، فكان عليهم مصليا، ولهم على جميع الخلائق من الجن والإنس والملائكة مفضلا، فلذلك صرفت إليه هذا المال العظيم ليتنعم (4) بالطيبات ويتكرم بالهبات والصلاة، ويتحبب بمعروفه إلى ذوي المودات، ويكبت (5) بنفقاته ذوي العداوات.
قال الفتى: يا نبي الله كيف أحفظ هذه الأموال؟ أم كيف أحذر من عداوة من يعاديني فيها، وحسد من يحسدني لأجلها؟ قال: قل عليها من الصلاة على محمد وآله الطيبين ما كنت تقوله قبل أن تنالها، فان الذي رزقكها بذلك القول مع صحة الاعتقاد يحفظها عليك أيضا (بهذا القول مع صحة الاعتقاد) (6).