السيف الصقيل رد ابن زفيل - السبكي - الصفحة ٨٧
هذا المدبر يأخذ الكلام يقلبه كما يقلب الحقائق، فإنه جعل مصب كلام خصومه إلى نفي الإله وهم أثبتوا الإله ونفوا كونه فوق العرش وقوله (المعطلة) يوهم به أنهم معطلة العالم من الصانع وهو يريد به معطلة الخالق من قيام الفعل الحادث به فما أكثر تلبيسه (1) وتدليسه ومراده بالجهمية (المعتزلة والأشعرية) وليس أحد من المعتزلة اليوم عندنا ظاهرا فلا كلام له إلا مع الأشعرية الذين أكثر الخلق يقتدون بهم، يريد تنقيصهم والطعن فيهم، ويأبى الله إلا أن ينم نوره.
قال: (والله كان وليس شئ (2) غيره وخلق البرية، فسل المعطل هل هي

(1) وكيف يرضى العاقل أن يعد من العلماء - وهم أمناء الله في أرضه - رجلا كثير الغش لأمة محمد صلى الله عليه وسلم كثرة يتعجب منها أئمة الإسلام وليس هذا الغش في أمر من أمور الدنيا ولو كان هذا لهان الأمر ولكنه غش في صميم الإسلام فليعرف ذلك المغرورون بابن القيم ثم ليعرفوه.
(2) وهذا يناقض القول بحوادث لا أول لها ودوام الفعل في جانب الماضي، والناظم كم ينقض غزله وله هوى في إكفار الأمة بكل وسيلة، ولا أدري ماذا يكسب هذا المتهوس إذا لم يبق من الأمة مسلم سوى مكسري الحشوية.
وبين الصوفية أتقياء أبرار يراعون أدق أوامر الشرع ف ى جميع شؤونهم ويرون في الوجود ما لا يتنافى مع التكاليف الشرعية كما أن بين المتصوفة زنادقة إباحية، وإجراء الكلام في حق الفريقين بمجرى واحد ليس من الإنصاف في شئ وكفى أن ينسب إليهم بعض بدع بدون تسرع في إكفارهم، وقال العلامة يوسف البحري من أجلة أصحاب السيد مرتضى الزبيدي فيما علقه على (المجموع في المشهود والمسموع): إن الواجب له عز الوجوب والعظمة والكبرياء فهو منزه عن اللواحق المادية والتعطيلات الإلحادية وإن الممكن له ذل - الإمكان وحقارة الاحتياج إليه محقور مقهور محتاج إليه تعالى في وجوده وبقائه وجميع أطواره فلا ينقلب الواجب ممكنا ولا الممكن واجبا، بل الواجب خالق قادر غني والممكن مخلوق عاجز محتاج، فلا يكون أحدهما عين الآخر، وهذا بدهي وبه نزلت الكتب السماوية وجاء به الأنبياء والمرسلون ودعوا الناس إلى اعتقاده وقامت عليه البراهين واتحدت كشوف الأولياء مع طريق النظر في هذا المطلب ا ه‍ ثم شرح كيف يضمحل الوجود الإمكاني في نظر المقبل إلى الله بكليته.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 94 ... » »»
الفهرست