ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان " يعني: التقحل.
رواه أبو داود.
" البذاذة " بالباء الموحدة والذالين المعجمتين وهي: رثاثة الهيئة وترك فاخر اللباس. وأما " التقحل " فبالقاف والحاء قال أهل اللغة: المتقحل هو: الرجل اليابس الجلد من خشونة العيش وترك الترفه. 518 وعن أبي عبد الله جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة رضي الله عنه نتلقى عيرا لقريش، وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة. فقيل: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليهم من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبله بالماء فنأكله، وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه فإذا هي دابة تدعى العنبر، فقال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا. فأقمنا عليه شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن، ونقطع منه الفدر كالثور أو كقدر الثور، ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا فمر من تحتها، وتزودنا من لحمه وشائق. فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، فقال:
" هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شئ فتطعمونا؟ " فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله. رواه مسلم.
" الجراب ": وعاء من جلد معروف، وهو بكسر الجيم وفتحها والكسر أفصح. قوله " نمصها " بفتح الميم و " الخبط ": ورق شجر معروف تأكله الإبل. و " الكثيب ": التل من الرمل. و " الوقب " بفتح الواو وإسكان القاف وبعدها باء موحدة وهو: نقرة العين.
و " القلال ": الجرار. و " الفدر " بكسر الفاء وفتح الدال: القطع. " رحل البعير " بتخفيف الحاء: أي جعل عليه الرحل. " الوشائق " بالشين المعجمة والقاف: اللحم الذي قطع ليقدد منه، والله أعلم.