أصحابنا في الفتاوى أصحهما: لا يكفر، وقد يحتج لهذا بقول الله تعالى إخبارا عن موسى (صلى الله عليه وسلم): (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا....) الآية [يونس: 88] وفي هذا الاستدلال نظر، وإن قلنا: إن شرع من قبلنا شرع لنا.
فصل: لو أكره الكفار مسلما على كلمة الكفر، فقالها وقلبه مطمئن بالإيمان، لم يكفر بنص القرآن وإجماع المسلمين، وهل الأفضل أن يتكلم بها ليصون نفسه من القتل؟
فيه خمسة أوجه لأصحابنا.
الصحيح: أن الأفضل أن يصبر للقتل ولا يتكلم بالكفر، ودلائله من الأحاديث الصحيحة، وفعل الصحابة رضي الله عنهم مشهورة.
والثاني: الأفضل أن يتكلم ليصون نفسه من القتل.
والثالث: إن كان في بقائه مصلحة للمسلمين، بأن كان يرجو النكاية في العدو، أو القيام بأحكام الشرع، فالأفضل أن يتكلم بها، وإن لم يكن كذلك، فالصبر على القتل أفضل.
والرابع: إن كان من العلماء ونحوهم ممن يقتدى بهم، فالأفضل الصبر لئلا يغتر به العوام.
والخامس: أنه يجب عليه التكلم، لقول الله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) [البقرة: 195] وهذا الوجه ضعيف جدا.
فصل: لو أكره المسلم كافرا على الإسلام فنطق بالشهادتين، فإن كان الكافر حربيا، صح إسلامه، لأنه إكراه بحق، وإن كان ذميا، لم يصر مسلما، لأنا التزمنا الكف عنه، فإكراهه بغير حق، وفيه قول ضعيف أنه يصير مسلما، لأنه أمره بالحق.
فصل: إذا نطق الكافر بالشهادتين بغير إكراه، فإن كان على سبيل الحكاية، بأن قال: سمعت زيدا يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، لم يحكم بإسلامه، وإن نطق بهما بعد استدعاء مسلم بأن قال له مسلم: قل: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقالهما، صار مسلما، وإن قالهما ابتداء لا حكاية ولا باستدعاء، فالمذهب الصحيح المشهور الذي عليه جمهور أصحابنا أنه يصير مسلما، وقيل لا يصير لاحتمال الحكاية.
فصل: ينبغي أن لا يقال للقائم بأمر المسلمين خليفة الله، بل يقال الخليفة، وخليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأمير المؤمنين.