الأذكار النووية - يحيى بن شرف النووي - الصفحة ٣٥٧
للفظ الخبث (1)، وبشاعة الاسم منه، وعلمهم الأدب في استعمال الحسن منه، وهجران القبيح، و " جاشت " بالجيم والشين المعجمة، و " لقست " بفتح اللام وكسر القاف.
فصل: 1085 - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " يقولون الكرم (2) إنما الكرم قلب المؤمن " وفي رواية لمسلم " لا تسموا العنب الكرم، فإن الكرم المسلم " وفي رواية " فإن الكرم قلب المؤمن " (3).
1086 - وروينا في " صحيح مسلم " عن وائل بن حجر رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " لا تقولوا الكرم، ولكن قولوا العنب والحبلة ".
قلت: الحبلة بفتح الحاء والباء، ويقال أيضا بإسكان الباء، قاله الجوهري وغيره، والمراد من هذا الحديث النهي عن تسمية العنب كرما، وكانت الجاهلية تسميه كرما، وبعض الناس اليوم تسميه كذلك، ونهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن هذه التسمية، قال الإمام الخطابي وغيره من العلماء: أشفق النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يدعوهم حسن اسمها إلى شرب الخمر المتخذة من ثمرها، فسلبها هذا الاسم، والله أعلم.
فصل: 1087 - روينا في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم ".

(١) ولا يرد عليه ما في الحديث الاخر من قوله: " فيصبح خبيث النفس كسلان " لان المنهي عنه إخبار المرء بذلك عن نفسه، والنبي (صلى الله عليه وسلم) إنما أخبر عن صفة غيره وعن شخص منهم مذموم الحال، ولا يمنع إطلاق هذا اللفظ في مثل ذلك.
(٢) في البخاري، " ويقولون الكرم " يزيادة واو العطف في أوله، والمعطوف عليه محذوف: أي يقولون: العنب ويقولون: الكرم، فالكرم خبر خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هو، أو مبتدأ خبره محذوف: أي شجر العنب والكرم.
(٣) قال المصنف رحمه الله: قال العلماء: سبب كراهة ذلك أن لفظة الكرم، كانت العرب - أي في الجاهلية - تطلقها على شعير؟ العنب؟، وعلى العنب، وعلى الخمر المتخذة من العنب، سموها كرما كلونها متخذة منه، ولأنها - أي فيما يدعونه - تحمل على الكرم والسخاء، وهيجت نفوسهم إليه، فوقعوا فيها أو قاربوا ذلك، وإنما يستحق ذلك الرجل المسلم، أو قلب المؤمن كرما لما فيه من الايمان والهدي والنور والتقوى والصفات المستحقة لهذا الاسم، وكذا الرجل المسلم. وقال القاضي عياض في " المشارق ":
نهي (صلى الله عليه وسلم) أن يقال للعنب: الكرم، وكان اسم الكرم أليق بالمؤمن وأعلق به لكثرة خيره ونفعه واجتماع الخصال المحمودة من السخاء وغيره فيه، فقال: إنما الكرم الرجل المؤمن، وفي رواية: قلب المؤمن.
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست